الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

2

*" إذا أردت أن تكون عظيماً فاعمل فى صمت " ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان فإن كل ذى نعمة محسود" (رواه أبو نعيم عن معاذ بن جبل فى حلية الأولياء بإسناد غريب  6/100)ولا تعبأ بالمثبطين أعداء النجاح وبكلامهم ولا تنفذ نصائح الآخرين إلا بعد أن تفكر فيها جيداً وترى أنها صحيحة فكم من نصائح مضللة توجه لنا من أعداء النجاح وكم من سخرية نلقاها منهم وصدق القائل:" أهل مكة أدرى بشعابها " ، و ادخر طاقتك ولا تجادل وتهدر طاقتك مع هؤلاء المثبطين .
اقرأ مقال " كلام الناس " التالى للمؤلف ، ومقال " أقوال مأثورة غبية للمهندس / خالد الصفتى  ( المنشور فى أحد أعداد كتابه الشهير " فلاش ") اللذين يؤكدان ذلك:-
كلام الناس
   من أكثر الأشياء انتشاراً فى حياتنا كلام الناس وربما كان ذلك طبيعياً لكون الكلام مجانيا ، والمعروف أن الناس يكثرون من فعل الأشياء المجانية بحاجة أو بغير حاجة .
نجد الناس يتحدثون عن كل شىء فى كل المجالات بثقة شديدة تجعلك تظن كل شخص منهم خبيراً فى كل المجالات التى يتحدث فيها وإذا كان هذا ظنك فهو يقينه الذى اكتسبه من نيل استحسان مستمعيه ، ونظراً لعدم كون أى متحدث خبيراً فى كل المجالات فطبيعى أن يكون معظم كلام هذا الشخص ( الذى يظن نفسه خبيراً فى كل نواحى الحياة ، ويلقب بـ أبو العريف فى مجتمعنا ) خاطئاً ومضللاً ؛ فنجد أبو العريف يتحدث فى السياسة كأنه قائد سياسى أو محلل سياسى بارز له دراسات وخبرات سابقة وباع كبير فى هذا المجال وينتقد أفعال الساسة ونادراً ما يستحسن شيئاً ثم يتحول للرياضة وينتقد أفعال المدربين واللاعبين والحكام ، وينتقل من مجال لآخر مبدياً آراءه وهو على يقين أنها الصحيحة ناسيا قول الله تعالى:" لاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ"(الإسراء36) ، وليس هذا فحسب بل يمتد كلامه إلى تأليف الأخبار الجديدة والتى تكون خاطئة بطبيعتها وأنها مؤلفة والأخبار لا تؤلف لكنها تلقى استحسان مستمعيه لقابليتهم للاستهواء ؛ ولتسليمهم بأى شىء دون تفكير . وإذا سألت " أبو العريف " عن شىء لا يقول لك " لا أعرف أبداً " ؛ لأن هذه الكلمة تذهب هيبته وصيته فيعطيك أية إجابة تخطر على باله دون تفكير .صحيح أن " أبو العريف " مخطئ فيما يفعله لكن الخطأ الأكبر يأتى من مستمعيه الذين يستحسنون كلامه ويسلمون به دون تفكير فيجعلونه يتمادى فيه .
وقد نجح " أبو العريف " بفضل تأليفه الأخبار وقابلية من حوله للاستهواء فى ترسيخ مفاهيم خاطئة فى عقول الناس ظلت تتوارثها الأجيال وكل جيل يضلل الآخر بعده ، ومن أهم أمثلة هذه المفاهيم الخاطئة تسمية الأسد بملك الغابة والأسد لا يعيش فى الغابات وإنما يعيش فى مناطق الحشائش. وحب المستمعين الضالين ذوى القابلية للاستهواء لأبى العريف جعله يتولى تدريب فريق أعداء النجاح الذى يتدرب أعضاؤه على السلبية والعيش بلا هدف والتمرد على كل شىء والنقد الهدام وإليك أمثلة عدة من كلام أعداء النجاح :-
إذا قلت له : هذا خطأ ولا تفعله يقول لك : بلدك كلها تسير فى الطريق الخطأ وهو أنت هتصلح الكون ؟! وينسى أن الله سبحانه وتعالى سيحاسبه على كل خطأ بغض النظر عما يفعله الناس جميعاً ، وينسى أيضاً أن الله قد خلقنا لتعمير الأرض فلم لا نصلحها ؟ ! ، وإذا رآك تخطط لغدك يقول لك : يا عم خليها على الله أو خليها بالبركة أو خليها بظروفها ، وإذا رآك تحدث تطوراً فى أى شئ يقول لك : احمد ربنا على الوضع الحالى ده التمرد وحش وغيرك مش لاقى يأكل ، وكلما رأى طفلاً أو شاباً ميسور الحال يقول له : أنت مرفه ومش هتنفع ؛ لأن الفقر من شروط الجد ، ده إحنا كنا بنذاكر على لمبة الجاز  ونسرد هذا المثال الدال على خطأ كلام " أبو العريف " : قال الباجى لابن حزم : " أنا أعظم منك همة فى طلب العلم ؛ لأنك طلبته وأنت معان عليه فتسهر بمشكاة الذهب وطلبته وأنا أسهر بقنديل السوق " فقال ابن حزم : " هذا الكلام عليك لا لك لأنك إنما طلبت العلم وأنت فى هذه الحال رجاء تبديلها مثل حالى وأنا طلبته فى حال ما تعلمه وما ذكرته فلم أرج به إلا علو القدر العلمى فى الدنيا والآخرة " .
، وإنى لأتذكر جيداً كلام " أبو العريف " وعدوانه للنجاح فى أثناء دراستى بالثانوية العامة ؛ فعندما حققت بفضل الله مجموعاً عالياً فى المرحلة الأولى أخذ يردد : " كنا عايزين منك أكثر من كده بكثير ، ثم بعد فترة ردد :أنت هتتغير وتتكبر ومش هتحافظ على مجموعك " ، وعندما حافظت عليه وحققت أكبر منه فى المرحلة الثانية قال أبو العريف :- " مفيش شغل اليومين دول والبطالة – ملكت البلد وهتخلص دراسة وتقعد فى البيت " ، ثم انتقد الجامعة قائلاً : هتتعب جداً فى الجامعة ومش هتلاقى أكل ولا شرب وهتتبهدل فى الغربة ، تم تحول أبو العريف لانتقاد كل كليات الجامعة بانتقاده كل المهن الموجودة ؛ فمثلاً انتقد الصيدلى بأنه فى نظره مجرد بقال أو بائع ، والطبيب بتعبه وكثرة إجهاده وعدم تمتعه بالحياة ، والطبيب البيطرى بتعامله مع البهائم ( هذا على علم أبى العريف بأن الطبيب البيطرى هو طبيب الحيوانات وهو لا يعلم أن طب الحيوان قسم من أقسام الطب البيطرى الذى يشمل العديد من التخصصات ) ثم انتقد المهن كافة بحجة البطالة وعدم وجود عمل وأتذكر أيضاً انتقاده للضباط بحجة التعب وعدم الاستمتاع بالحياة أيضاً .
الغريب الذى نتعجب منه أن أبا العريف لا يستفيد شيئاً من عدائه النجاح وتثبيطه المتتالي لأفعال الناس والنقد الهدام لكل شىء ، ورغم ذلك يسعد جداً حينما يمارس هوايته اللعينة .
ولا يكفى كل هذا أبا العريف بل إنه يتدخل فى شئونك الخاصة وأبو العريف لا يعجبه شىء فى الدنيا ولا يريحه أو يروى غليله سوى ممارسة هوايته فى عداء النجاح وإحباط الناس والتمرد على كل شىء وتأليف الأخبار الخاطئة .
 أتمنى من كل إنسان ناجح ومتفوق وطموح ألا يتأثر بكلام أبو العريف وإن لم يستطيع إصلاح فكر أبى العريف فعليه ألا يعبأ به وألا يعطيه اهتماما ًولا استحساناً ؛ لأنه لا يستحق ذلك ، وأن يكون فى منتهى الحذر من أعداء النجاح ومن كلام الناس الذى لا نهاية له ولا حاكم له وأن يعرض عن مناقشة الجهال؛فقد قال تعالى:" وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ (الأعراف199) ، وقد صدق القائل:" لا يضر السخاب نباح الكلاب"،وأن يميز بنفسه الصواب من الخطأ وأن يتلقى معلوماته من مصادر موثوقة لا من أفمام البشر فالبشر ينسى ويخطئ ويصيب ،وأن يعمل بقول الله –عز وجل-:" فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (الأنبياء7) ؛فإن لم تجد المعلومة التى تبحث عنها فى كتاب موثوق أو قرار صادر من جهة مختصة واضطررت لسؤال البشر فاحرص على سؤال المختص فقط ؛وأذكر حينما قمت بالتحويل من كلية الطب البيطرى لكلية الحقوق أخبرنى موظفو شئون طلاب كلية الحقوق بأن على إحضار شهادة كذا من كلية الطب البيطرى فأحضرتها وذهبت للتقديم بقسم التقديم بشئو ن الطلاب فتبين أن الشهادة التى أحضرتها ليست هى المطلوبة لأن من أخبرنى بها ليس الموظف المختص فعدت وأحضرت شهادة أخرى وذهبت لقسم الفرقة الأولى بشئون الطلاب فتبين أن الشهادة التى أحضرتها ليست هى المطلوبة لأن من أخبرنى بها ليس الموظف المختص فعدت وأحضرت ثالث شهادة ،وبقول شاعرنا العظيم أ/محمد إبراهيم أبو سنه :- " النسور الطليقة فى الأفق
 تعرف مصرعها
والعيون التى تترصده
والنصال التى تتعاقب خلف النصال "لذا كن على دراية بكل ما يخصك من مصادر موثوقة حتى لا تدع نفسك فريسة لتلاعب أبى العريف .
جدير بالذكر الإشادة بموقع  www.takkad.com الذى يهتم بالتأكد من صحة الأخبار العلمية وبكتاب The book of General Ignorance للمؤلف John Lloydالذى صحح الكثير من المعلومات الخاطئة ،وبالموسوعة الحديثية وموسوعة أحاديث منتشرة الموجودتين على موقع الدرر السنية dorar.net  اللتان تبينان مدى صحة الأحاديث النبوية، وبمقال "أقوال مأثورة غبية"الذى كتبه المهندس خالد الصفتى فى أحد أعداد كتابه العظيم"فلاش"وبين فيه أقوال لمسئولين كبار أثبتت خطأها،وبمقال "مفيش حاجة اسمها"الموجود على الإنترنت ويبين خدع النصب على الإنترنت ،وبكتب التصحيح اللغوى فى اللغة العربية ،وبكتب التصحيح اللغوى فى اللغة الإنجليزية وبكتاب مستشارك الخاص للكاتب ،وما شابههم  .
                                                        محمود عبد القادر
أقوال مأثورة ( غبية ) !
كم من الأقوال المأثورة التى عشنا عليها ، وحفظناها عن ظهر قلب ، وصارت بالنسبة إلينا علامات مضيئة وكلمات مسلّماً بصحتها ، نتداولها بيننا فى مختلف المناسبات والمواقف .
-لكن هناك فى الجانب الآخر أقوال مأثورة صدرت عن بعض المشاهير ، ومع الأيام ثبت خطؤها الفادح ، وبعدها التام عن الصواب .. حتى صارت لمن يقرؤها الآن ، مدعاة للضحك .. و التهكم .
-وبالفعل تستحق أن يطلق عليها ( أقوال مأثورة غبية ) ! !
-( كنت أولسن ) رئيس ومؤسس شركة Digital equipment قال فى عام 1977م :-
- " ليس هناك من داع لأن يمتلك كل شخص جهاز كمبيوتر فى منزله " .
-ما رأيه  الآن ؟ فى هذا الزمن الذى صار من لا يتقن التعامل مع الكمبيوتر ( أميا) بالفعل ؟!!
-أما المارشال ( فردناند فوتش ) واضع استراتيجيات الحربية الفرنسية وقائد القوات الفرنسية فيما بعد فى الحرب العالمية الأولى .. فقد قال عام 1911 :-
- " الأرض هى مركز الكون " .
-تلك مقولة ( بطليموس ) عالم الفلك المصرى العظيم فى القرن الثانى الميلادى ! .
*كل عام وأنت بخير يا أبو البطالسة ! .
-أما الملك الإنجليزى الشهير ( جورج الثالث ) لم يجد خيراً من يوم استقلال الولايات المتحدة الأمريكية ليقول : " لا شىء ذا أهمية حدث اليوم " !!
-أما مندوب الولايات المتحدة لبراءة الاختراع ( تشارلز دوبل ) فقد قال فى العام 1988م :-
- " كل شىء يمكن اختراعه .. تم اختراعه بالفعل " !
-وأغرب الأقوال الغبية ما وُجد فى مذكرة داخلية فى شركة ( ويسترن يونيون ) الشهيرة للأموال ، عام 1976 ، ويقول :- 
-" التليفون يحتوى على الكثير جداً من العيوب بحيث لا يمكن التفكير فيه بجدية كوسيلة اتصال .. هذا الجهاز لا قيمة له بالنسبة لنا " !!
" الطائرات ما هى إلا ألعاب مسلية ، لكنها غير ذات قيمة عسكرية " .
-والآن .. كيف ننظر إلى هذا القول ، وقد أصبح السلاح الجوى هو الأول والحاسم فى كل المعارك الحديثة ؟ ! فمن منّا لا يتابع الهجمات الأمريكية الجوية فى معاركها الغاشمة ضد أجزاء من وطننا العربى ؟ ومن منا لم يؤمن بأن التفوق العسكرى الجوى الأمريكى هو الذى يضمن لأمريكا كسب معاركها مع الأطراف الأخرى ؟! 
-وما رأيك يا صديقى فى مقولة ( د. لى ذى فورست ) مخترع الصمام الإلكترونى المفرغ ، وذلك عام 1946 :-
" الإنسان لن يصل إلى القمر ، بغضّ النظر عن التقدمات العلمية المستقبلية " !
-أمر مضحك فعلاً .. فبعد عشر سنوات و نيف من مقولته هذه ، كان الإنسان يتجول بحرية تامة على سطح القمر !! .
-وهل تتصور أن ( داريل زانوك ) رئيس شركة أفلام معروفة ، قال فى العام 1963 :-
" التليفزيون لن يكون قادراً على الحفاظ على أى قطاع يجذبه بعد ستة أشهر ؛ سوف يشعر الناس بالإرهاق بسرعة  من التحديق فى صندوق مصنوع من الخشب كل ليلة " !! .
-الدكتور ( بان مكدونلد ) الطبيب والجراح من لوس أنجلوس قال هى تصريح لمجلة النيوزويك ( العدد 18 ) عام 1976 :-
" بالنسبة لمعظم الناس ، استخدام التبغ له أثر مفيد " !!
**********************************
عن الاجتهاد
لا للاستقالة والتخلى عن المسئولية
بعد حادث قطار الصعيد فى مصر عام2012م استقال وزير النقل ورئيس هيئة السكة الحديد.
قد يعزى الوزير ورئيس الهيئة استقالتهما إلى ضعف الإمكانيات الأمر الذى يعوق رغبتهما فى الإصلاح لكنى أرد على ذلك بأن الاستقالة ورفع اليد ليست حلا للمشكلة لأن من سيتولى المنصب بعد ذلك سيواجه نفس المشاكل بل إنه سيستغرق الكثير من الوقت ليفهم مشاكل المنظومة ويتعرف على خباياها ،كما أن المستقيل إن كان كفئا فلا يضمن أن من سيأتى مكانه سيكون كفئا مثله .
إنى لأتذكر حين تولى الكابتن حسام حسن قيادة الجهاز الفنى لفريق كرة القدم الأول بنادى الزمالك وكان النادى منهك القوى والإمكانيات ولم يكن به مال كاف لشراء لاعبين جدد لتدعيم الفريق ورغم كل ذلك لم يرفع حسام حسن يده وعزم على المحاولة والاجتهاد حتى صنع من فريق الزمالك أحسن الفرق المصرية .
قلة الإمكانيات ليست حجة حقيقية للتأخر والتخلف لأن هناك كثيرا من الدول تملك أقل من عشر إمكاناتنا ونحتل الصدارة ،فالمصباح الذى قدرته 60وات لكنه منظف من الأتربة والأوساخ يضئ أشد من المصباح الذى قدرته 150وات لكنه مغطى بالأتربة والأوساخ .
فى جزاء التخلى عن المسئولية والهروب من الواقع يقول أبو القاسم الشابى :"ومن يتهيب صعود الجبال  يعش أبد الدهر بين الحفر"، وإن نجاح أى عمل دنيوى يتكون من تعاون شيئين هما الحظ وهو توفيق الله بنسبة 90% والاجتهاد بنسبة10% وبغض النظر عن النسبة المؤية فلا ينفع الحظ بغير اجتهاد وقد أعطيت لحظ نسبة 90%لأن الله يملك كل شىء فالإنسان فى طريق النجاح يحتاج إلى تحقيق أشياء عدة أعطى الله -سبحانه- سلطة تحقيق 10%منها لاجتهاد البشر واحتفظ لجلاله وعظيم سلطانه بالباقى وطبيعى أن الإنسان إذا صدق النية وصاحبها بالعمل الجاد واستمر وصبر على الخسائر فسيعطيه الله حتما كل حسن الحظ والتوفيق فيقول تعالى :" إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً" (الكهف30) ويقول أيضا:" قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"(التوبة 105)، وفى الاجتهاد وأداء كل شخص دوره بإخلاص بغض النظر عن النتيجة وبذل الجهد حتى آخر قطرة دم وحتى آخر لحظة ممكنة يقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم :" إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها "(صحيح رواه الألبانى فى صحيح الجامع)،ويقول أيضا:" إذا اجتهد فأصاب فله أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ"(صحيح رواه الشوكانى فى الفتح البانى)،ويقول "عادل حسنين" فى ضرورة المثابرة التى تتمثل فى الصبر على الخسائر ومواصلة العمل الجاد:"بين االسفح والقمة مشوار طويل وتعب وكد وكفاح وجهاد ومشقة وانكسارات تفوق فى عددها الانتصارات".
الجدير بالذكر أن الإنسان إذا اجتهد وأدى ما عليه بإخلاص فسيكرمه الله بحسن الحظ وسيسخر كل ما فى الأرض لنصرته وينزل جنودا من السماء لنصرته وسيكسر كل قواعد الدنيا لنصرته ليعطيه نتائج تفوق أى توقعات دنيوية ؛فيقول تعالى :" كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ "(249البقرة) ،ويقول –جل شأنه-:" وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الأعراف:96]، ويقول –سبحانه-: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً * مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً [نوح:10-13] ، ومن الأمثلة على سبيل المثال لا الحصر الخليفة المصلح "عمر بن عبد العزيز " الذى صدق النية وصاحبها بالعمل الجاد فأعطاه الله –سبحانه-مجتمعا خاليا من الفقراء فقد كسر الله بذلك القاعدة الدنيوية القاضية بعدم وجود مجتمع متكامل لنصرة ومكافأة عمر بن عبد العزيز وقد أعطاه الله بذلك شيئا لم يعطه لرسوله –صلى الله عليه وسلم- ولا يتوقعه بشر وفق القواعد الدنيوية ؛فقد اختفى الفقر والفقراء في عهد عمر رضي الله عنه! حتى إن الأغنياء كانوا يخرجون بزكاة أموالهم فلا يجدون يد فقير تبسط إلى هذا المال، يا للعجب! في عشرين عاماً؟! في عشرة أعوام؟! كلا والله، بل في سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام! إنها المعجزة! إنها الكرامة الكبرى على يد ولد الإسلام العظيم! وأرسلت الكتب من أمير المؤمنين وتقرأ في مساجد عواصم دولته التي كانت تبلغ مساحتها ربع مساحة العالم اليوم في القرن العشرين، تقرأ كتب أمير المؤمنين رضي الله عنه: من كان عليه أمانة وعجز عن أدائها فلتؤد عنه من بيت مال المسلمين! من كان عليه دين وعجز عن سداده فسداد دينه من بيت مال المسلمين! من أراد من الشباب أن يتزوج وعجز عن الصداق فصداقه من بيت مال المسلمين! من أراد من المسلمين أن يحج وعجز عن النفقة فليعط النفقة من بيت مال المسلمين! وما من يوم إلا وينادي المنادي من قبل عمر : أين الفقراء، أين اليتامى، أين الأرامل، أين المساكين؟! يا ألله! يا خالق عمر سبحانك! ليس في عشرين عاماً وإنما في عامين ونصف! وذلك إذا سلك الناس طريق الحق ومنهج الله عز وجل.
وجدير بالذكر أيضا أن الأعمال الدنيوية لا تنجح إلا إذا كانت خالصة لوجه الله تعالى ؛فيقول تعالى:" وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ" (التوبة 25).

-استخر الله فى كل أمورك
لا أريد أن أتحدث فى مواضيع ذات تفاصيل دينية نظرا لأنى لست دارسا للعلوم الإسلامية دراسة كافية ولكنى أنوه على موضوع الاستخارة لأهميته .
حين كنت صغيرا كنت أهاب استخارة الله سبحانه خشية أن يهدينى لفعل شىء لا أقتنع به ولا أنفذه فيعاقبنى ولكنى بعد التجربة اتضح لى أن نتيجة الاستخارة هى أن يهديك الله سبحانه لفعل شىء ويقنعك به وييسر لك فعله أى أن نتيجة الاستخارة لا تكون الهداية إلى الصواب فقط وإنما تتضمن الإقناع وتيسير التنفيذ.
ومذ آنذاك أستخير الله فى كل شىء حتى أتفه الأمور لأنى أعلم أن الله لن يستهزئ بأتفه الأمور بل سيهدى عبده للصواب وأنصحك باستخارة الله فى كل أمورك وإن لم تهتد بعد أول مرة فأعد الاستخارة مرات ومرات حتى تنال الهداية.
صلاة الاستخارة:
يسن لمن أراد أمرا من الأمور المباحة  والتبس عليه وجه الخير فيه أن يصلي ركعتين من غير الفريضة ولو كانتا من السنن الراتبة أو تحية المسجد في أي وقت من الليل أو النهار يقرأ فيهما بما شاء بعد الفاتحة، ثم يحمد الله ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بالدعاء الذي رواه البخاري من حديث جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها  كما يعلمنا السورة من القرآن بقول: (إذا هم أحدكم بالامر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: (اللهم أستخيرك  بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب.
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الامر  خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله  فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الامر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به) قال: ويسمي حاجته: أي يسمي حاجته عند قوله: (اللهم إن كان هذا الامر) .
-          
كلام شعارات
   من الحمق والسذاجة أن يسلم الإنسان بكل شىء ويصدق أى شىء ويسير وراءه ويؤمن به ويفعله دون أن يتبينه ويفكر فيه ، وقد علم الفيلسوف اليونانى " سقراط " شباب إثينا عدم التسليم بالعادات والتقاليد القديمة دون التفكير فيها .
ولعل هذا الأمر من المساوىء الواضحة جداً فى شعبنا المصرى ؛ فمعظمه يعشق تنظيم المظاهرات والهتافات والحملات والاجتماعات والمؤتمرات دون أن ينظر إلى مدى الاستفادة من هذه الأفعال .
منذ فترة نظم طلاب جامعتنا حملة عن اللغة العربية وكانت هتافاتهم تهز الجامعة وعندما نظرت إلى شعار الحملة وجدته مكتوباً هكذا " احمى لغتك " والصواب " احم لغتك " ولم تتضمن الحملة ندوات عن التصويب اللغوى ولا كتبا عن شىء مفيد فى اللغة وإنما ضمت هتافات ونشر الملصقات فقط ... عجبى .
ورأيت أيضاًَ مظاهرة عن الانتفاضة الفلسطينية نظمها حشد كبير جداً من الناس ولم تفد المظاهرة الانتفاضة الفلسطينية بشىء وعندما بدء جمع التبرعات التى تستفيد منها الانتفاضة فعلاً لم يشارك إلا عدد قليل جداً وانفض الحشد الكبير وسط ذهول شديد منى ، ورأيت آنذاك كيف يجرى شعبنا وراء الشعارات وترويج الإشاعات وتتملكه القابلية للاستهواء وعند وقت الجد والعمل الحقيقى لا الكلام لا تجد إلا القليل ممن رحم ربى ، وخير الأمثلة التى يجدر ذكرها المقاطعة الاقتصادية التى يتحمس شعبنا لها دون أن يفهم نتيجتها ولو فهم نتيجتها لبعد عنها كل البعد ؛ فإن الشركات التى يريدون مقاطعتها شركات عالمية لها فروع فى كل أنحاء العالم إذا قاطعناها فسيغلق فرعها فى مصر وستبقى باقى فروعها تعمل كما هى ولن تتأثر هذه الشركات بخسارة هذا الفرع مثلما سيتأثر العاملون فى هذا الفرع من شعبنا .
كم من أموال تهدر فى تنظيم الحملات والمؤتمرات والاجتماعات عن مواضيع يعلمها كل الناس مثل أضرار التدخين والإدمان وتجد المواضيع التى يحتاج إليها الناس فعلاً لجهلهم بها ولأهميتها القصوى لا أحد يفتح ملفاتها ولعل أهم هذه الموضوعات أهمية رضاعة الطفل من لبن الأم ، وأهمية المحافظة على الأسنان وكيفية غسلها بطريقة صحيحة وأهمية وجبة الفطور .

رسالة لكل أب وأم
 يتمنى كل ولى أمر أن يصبح ابنه أو بنته أحسن إنسان فى الوجود ويتمنى أن يحقق كل ما فشل هو فى تحقيقه ولا يضع فى اعتباره أن ابنه بشر منحه الله سبحانه وتعالى قدرات معينة وحرمه من قدرات وإمكانيات أخرى ؛لأن الله –سبحانه –خالقنا فيعلم الخير لنا والشر وقد أعطى كل واحد منا الخير له ؛فيقول تعالى: " عَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ "(216البقرة )، ويقول ابن القيم :"ما أغلق الله على عبد بابا بحكمة إلا وفتح أمامه بابين برحمة"ولا يدرك الظروف السيئة التى قد تواجه ابنه فى طريقه لتحقيق أمانيه ولا يقتنع بها لأنه لا يشعر بها لأن يده فى الماء لا النار وشتان بين الماء والنار لذا نادراً جدا إن لم يك مستحيلاً أن تجد ولى أمر راضياً عن ابنه وسعيداً به ودائماً تجد كل ولى أمر يقابل ابنه بابن غيره ويشعر نفسه أو يخدع نفسه بأن ابن غيره أفضل من ابنه ويحقر ابنه دائما بأن يخبره بأن فلاناً ابن غيره أفضل منه الأمر الذى يحبط الابن ويجعله يكره أباه .
يجب على الأب ألا يطلب من ابنه شيئاً إلا فى حدود قدراته وألا يعيره بعيوبه التى خلقه الله بها وكم وجدت آباء يعيرون أبناءهم بضعف الجسد .
ومن الآباء من يعنف ابنه فى كل شىء بحجة تعليمه ، وهو يجهل أن القهر يعلمه الكذب ويجعله يكره أباه .
عندما أنجب الأب ابنه فقد أخرجه إلى الدنيا ( دار الحروب ) وواجب عليه أن يقويه لمواجهة هذه الحروب لا أن يشن حرباً أخرى عليه .
ومن الآباء من يحبط ابنه دائماً فى كل شىء ويشعره دائماً بأنه فشل فى كل شىء وكم رأيت أباً يحبط ابنه ويخبره بأنه سيفشل لأنه مدلل ويقول له : " إحنا نفعنا عشان كنا فقراء وكنا بنذاكر على لمبة الجاز " ونرد على هذا القول السخيف الذى يصدر كثيراً من الحمقى بالموقف التالى: قال الباجى لابن حزم : " أنا أعظم منك همة فى طلب العلم ؛ لأنك طلبته وأنت معان عليه فتسهر بمشكاة الذهب وطلبته وأنا أسهر بقنديل السوق " فقال ابن حزم : " هذا الكلام عليك لا لك لأنك إنما طلبت العلم وأنت فى هذه الحال رجاء تبديلها مثل حالى وأنا طلبته فى حال ما تعلمه وما ذكرته فلم أرج به إلا علو القدر العلمى فى الدنيا والآخرة " .
ويجدر بنا أن نذكر أن من أوتى حسن الخلق فلا عليه ما فاته من الدنيا فإذا كان ابنك  فاشلا فى كل شىء ولكن حسن الخلق فهذا يكفى لأن ترضى عنه ؛ لأن حسن الخلق أندر ما فى دنيا الناس ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق ، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة "(صحيح الترمذى 2003)، ويقول شاعرنا الكبير حافظ إبراهيم :
" فإذا رزقت خليقة محمودة                   فقد اصطفاك مقسم الأرزاق " .
ونذكر أيضاً أن من كان فى نعمة ولم يشكر خرج منها ولم يشعر ؛ فمثلاً من لا يشكر الله على حسن خلق ابنه وظل يتمرد بحجة عيوب ابنه الأخرى فستكون النتيجة زوال هذه النعمة .
فى مشوار تعليم الابن يجب أن يعلم ولى الأمر أن بحر العلم واسع غزير متلاطم الأمواج وملىء بالعقبات وأن خوضه يحتاج إلى مثابرة ونقصد بالمثابرة الصبر على ما يحدث من نتائج سواء أكانت نجاحاً أو إخفاقاً والاستمرار فى العمل الجاد والثقة فى أن الله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، لكن للأسف تجد الأب يطلب من ابنه أن يكون الأول على مدرسته أو جامعته وأن يحرز درجة أعلى من فلان ابن فلان دون أن يكون هدفه تحصيل ابنه العلم والاستفادة به فى حياته ولأن يد الأب فى الماء لا النار فإنه لا يشعر بالمساوىء التى تعوق ابنه من تحقيق طلباته المتمثلة فى الحصول على أعلى الدرجات وهذه المساوىء تكمن فى أشياء لا حصر لها مثل سوء التصحيح وسوء نظام المدرسة أو نظام الامتحانات وطبعاً لا يصدق الأب تلك المساوىء لأنه لا يشعر بها ، وعندما تظهر النتيجة ولا يحقق ابنه طلباته يعنفه ويحبطه ويجعله يكره خوض بحر العلم بدلاً من أن يشكر الله على نجاح ابنه ، ويجب على الأب بدلاً من أن يحبط ابنه أن يحمسه لتحقيق أفضل مما حقق ويبحث معه حل المشكلات التى منعت تحقيق هدفه ؛ فخوض بحر العلم يحتاج إلى تحميس وتشجيع لا إحباط وعنف .
وتجد كل أب يتمنى أن يكون ابنه طبيباً أو مهندساً أو يعمل نفس عمله ليكون امتداد له ويحقق ما فشل هو فى تحقيقه لكن خوض بحر العلم يحتاج إلى أن يختار المبحر فيه التخصص الذى يحبه وأن يكون هدفه تحصيل العلم لا الدرجات فقط ، وكل إنسان أعطاه الله قدرات وإمكانيات فى مجال معين تجعله متفوقاً فيه .

من ساء بدؤه ساء ختامه
أؤمن جداً بالقول القائل "من حسن بدؤه حسن ختامه ومن ساء بدؤه ساء ختامه " وواضح جداً عملياً أن كل نجاح يكون مبنياً على بداية صحيحة وسير فى الطريق الصحيح أما من أساء البدء وبدأ بداية سيئة فلا تتوقع له ولا تنتظر منه أن ينتهى إلى خير ؛ لأنه عندما بدأ بداية خاطئة سار فى طريق خاطىء واستمر فى السير فيه وهو مخطىء وطبيعى أن يصل إلى نهاية خاطئة وسأسرد مثالاً على ذلك :- -فى امتحاناتنا بالمرحلة الابتدائية كان يقوم المراقبون علينا فى لجنتنا بكتابة إجابات الامتحانات على السبورة لينقلها الطلاب وكانت الإجابات نموذجية وصحيحة تمام الصحة وكان الطلاب يجيبون إجابات واحدة وهى الإجابات النموذجية الصحيحة المطلوبة المثلى الأمر الذى جعلنى أتوقع آنذاك أن كل الطلاب سيحصلون على درجة واحدة لأن إجاباتهم كانت واحدة بأسلوب واحد ولأن الإجابات كانت المثلى الصحيحة توقعت أن يحصل كل الطلاب على الدرجة النهائية ولكن هيهات فكانت الدرجات متفاوتة ومن لم يظلم بالنقص ظلم بالزيادة وهذا ليس بغريب فقد بدأ المدرسون بداية خاطئة وهى أنهم كتبوا الإجابات الصحيحة لجميع الطلاب ولم يصبح الامتحان امتحاناً ثم قام بتصحيح الامتحانات هؤلاء المدرسون الفاشلون الفاسدون الضالون فلا نتوقع منهم أن ينهوا الأمر على صواب بل سيتمادون فى خطئهم الذى بدؤه و سيصححون تصحيحاًَ صورياً .
ومثال آخر : فى امتحاناتنا بالجامعة كانت الامتحانات فى منتهى السهولة لدرجة جعلت طالباً واحداً لم يشك من الامتحانات وبالتالى كانت إجاباتنا – الطلاب – واحدة وصحيحة ومثلى فتوقعت أن تكون درجاتنا واحدة ولكن حدث ما حدث فى المثال السابق.
صفحة من ذكريات طالب ثانوية عامة
(عدنا بخفى حنين )
   جميل أن تثق بنفسك لكنك مطالب بوضع حدود لهذه الثقة وبالحرص على عدم تخطي هذه الحدود حتى لا يتغير الحال وتتحول إلى ثقة زائدة ثم إلى غرور شيئاً فشيئاً وهو الأمر الذى ينتاب معظم الشباب فى هذه الفترة .
صحيح أن ثقتك بنفسك تعينك على العمل وتشجعك عليه وتشد من أزرك فى تحقيق أحلامك وطموحاتك التى قد تكون لا حدود لها ، وقد تزداد هذه الثقة عندما تحقق أحد أحلامك وهناك تظهر إمكانيات البشر فى القدرة على التفريق بين الثقة بالنفس والثقة الزائدة التى سرعان ما تتحول إلى غرور والتى قد تضر صاحبها أضراراً بالغة الأثر إن لم تتحول إلى غرور ، وغالباً لا يستطيع معظم الشباب التمييز بين هذين الأمرين .
لقد كنت واحداً من الشباب الذين لم ينجوا فى هذا التمييز فى التجربة التى سأرويها لك -عزيزى القارىء -.
   أديت امتحانات المرحلة الأولى من الثانوية العامة بأعصاب من حديد بالغة الهدوء وبنفس فائقة الثبات وبتواضع رهيب والحمد لله وفقت وأجبت إجابات صحيحة على أسئلة جميع الامتحانات ، وهنا يأتى الخطأ فى فترة ما بعد الامتحانات فتوفيقى فى أداء الامتحانات جعلنى واثقأ كل الثقة بأننى سأحصل على مجموع الـ100% كاملاً دون نقصان وأخذت تزداد هذه الثقة شيئاً فشيئاً ورغم أنها لم تصل إلى حد الغرور إلا أنها جعلتنى أفكر فيما سأفعله بعد الحصول على الـ100% وكيف سيكون حال الإجازة الصيفية وحال الاحتفال والفرحة فأصبحت أفكر وأكتب وأتحدث مع الناس وكأننى قد حصلت بالفعل على مجموع الـ100% والغريب أن أصدقائى وأهلى وحيرانى كانوا واثقين بذلك الأمر أكثر منى الأمر الذى زادنى وهما وغفلة وأنسانى كل شىء ؛ فقد أنسانى أن لكل إنسان نصيباً لابد أن يأخذه سواء كان له أو عليه ولن يأخذ أكثر منه ولا أقل مهما فعل ومهما تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال ، ولم أتذكر آنذاك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " و اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشىء لم يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف " ، و ذهبت لاستقبال النتيجة بنفس ثابتة وبأعصاب حديدية أيضاً وأنا مطمئن كل الطمأنينة أننى حاصل على مجموع الـ 100% فى مفاجأة ستذهل كل الحاضرين واستلمت ورقة نتيجتى وقد سيطر على شعور الثقة الزائدة آنذاك حتى إننى عندما جمعت الدرجات كنت حاصلاً على 45.5 درجة من 50 درجة فى مادة الكيمياء وقد جمعتها على أنها 49.5 / 50 ولم يكن ذلك خطأ النظر ودقة الملاحظة فقط وإنما كان خطأ الثقة الزائدة بالنفس ، وجدت المجموع 98.4 % وهنا كانت الصدمة التى لم تصبنى أنا فقط بل امتد أثرها إلى كل الحاضرين الذين كانوا ينتظرون منى الـ 100% إلا إننى رضيت بقضاء الله وحمدته وعدت إلى المنزل لأجلس بمفردى فى هدوء تام  و أحاول استيعاب ما حدث ؛ فجمعت الدرجات ثانية وهنا اكتشفت أن درجتى فى الكيمياء هى 45.5 وليست 49.5 الأمر الذى جعل مجموعى 96.4% فجعلت أردد " لقد ظلمت فى الكيمياء ولأن أهدأ حتى أعيد تصحيحها ، وما هو إلا يوم مرد وفى اليوم التالى سددت والدتى رسوم إعادة التصحيح وذهبت مع أخى الأكبر إلى محافظة أسيوط بعد أسبوع من تاريخ ظهور النتيجة لإعادة التصحيح .
  لقد أخطأت للمرة الثانية ؛ فقد كان يجب على التروى والتمهل فى الأمر ومراجعة ما أتذكر أننى كتبته فى ورقة الإجابة على نموذج الإجابة الصادر عن الوزارة قبل دفع الرسوم المقررة أو الذهاب لإعادة التصحيح ، وقد تسببت ثقتى الزائدة فى هذا الخطأ أيضاً .
بدأت داخل لجنة إعادة التصحيح مراجعة ما كتبته بورقة إجابنتى على نموذج الإجابة وكانت المفاجأة أن أحد الأسئلة كان كالآتى :-
أ)اختر الإجابة الصحيحة مع كتابة معادلة التفاعل الموزونة ، وقد كان السؤال من أربع نقاط وكان نموذج الإجابة ينص على أن الاختيار الصحيح عليه نصف درجة والمعادلة عليها درجة واحدة واكتشفت أننى قد كتبت الاختيار الصحيح فقط فى  النقاط الأربع دون كتابة الأربع معادلات الأمر الذى تسبب فى فقدانى أربع درجات أى 2% أى أننى كان من الممكن أن احصل على 98.4% بكل سهولة ولكنه النصيب المكتوب والمقدر غير القابل للتغيير .
آنذاك رضيت بقضاء الله لكننى أخذت أسأل نفسى عدم كتابة المعادلات خطأ من ؟؟؟! هل هو خطأ تقصيرى وعدم استذكارى الجيد ؟ لا فقد كنت أستذكر طوال العام على أكمل وجه وقد كانت المعادلات سهلة جداً بجيث لا يعجز أى طالب عن كتابتها ، هل هو خطأ المصحح ؟ لا فقد تم تصحيح ورقة الإجابة على أكمل وجه دون خطأ ، إذاً فهل يكون خطأ عدم دقة الملاحظة والتسرع ؟ لا فقد تمت ملاحظة هذا السؤال فى الجزئية ( أ ) ولكننى كتبت معادلات الجزئية (ب ) وهى ليست مطلوبة وكانت معادلات الجزئية ( أ ) هى المطلوبة ، إذا فهل يكون خطأ التسرع وعدم التركيز ؟ لا فقد كنت فى قمة التركيز وهدوء الأعصاب وثبات النفس والرزانة والحالة النفسية الجيدة وليس فى الإمكان أفضل مما كان آنذاك ، إذاً فهو ليس خطأ أحد ولكنه النصيب المكتوب الذى قدره الله علىَََّ و الذى لن يتغير بفعلى أو بفعل أى شخص أو أى شىء ؛ فحمدت الله ورضيت بقضائه وأدركت جيداً حينئذ أن الله يريد بى الخير بنقصان هذه الدرجات ، فإننى لا أعرف أين الخير ولا أعلم الغيب ولكن الله سبحانه وتعالى –وحده هو الذى يعلم الغيب ويعلم أين الخير ؛ فهو الذى خلق عباده وهو قدير على توجيههم للخير ، وتذكرت آنذاك أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً فجعلت أردد ذلك وأردد قوله تعالى " إنا لا يضيع أجر من احسن عملاً " على مسامع أخى وأفهمته أن الله قد ادخر لى عملى وتعبى طوال العام ليرده لى فى شىء خير من ذلك .
إننى لم أكتب هذه الصفحة من ذكرياتى بغرض تسجيل الذكريات وإخراج ما يجيش بخاطرى فحسب بل لأؤكد حقيقة دنيوية وهى أن كل شىء فى حياتنا نصيب مكتوب محتوم وحتمى وغير قابل للتغيير يجب الرضا به والاستمرار والمثابرة والاجتهاد فى العمل لنيل نصر الله ، فإن الله يختبر عبده فيما أتاه ، ويختبر إيمانه ومثابرته فى كل شىء وإنه سبحانه وتعالى يوفق عباده لكل خير وهم لا يشعرون ويختار لهم الأفضل ، لأنه الوحيد الذى يعرف ما الأفضل وما الأسوء وأين الخير وأين الشر .
أنا مثلاً كنت أتمنى الحصول على مجموع الـ 100% وأنا لا أدرى ماذا كان سيحدث لو تحقق هذا الحلم ، فقد يكون وبالاً علىّ وعلى أسرتى وقد أصاب بعين الحسود فيحدث ما لا أتمناه من مرض أو فشل أو قد ينتابنى الغرور فلا أستطيع الاستمرار فى العمل الجاد ويكون هذا المجموع مطية الإخفاق بالنسبة لى أو قد يؤهلنى للالتحاق بكلية لا أوفق فيها ، ونظراً لأننى تعبت طوال العام الدراسى وبذلت قصارى جهدى ولم أدخر وسعاً فى استذكار دروسى إذا فأننى واثق أن الله قد وفقنى لمجموعى هذا لخير لا أعمله وقد نجانى من شر مجموع الـ 100% ولنتذكر قصة يوسف الصديق عليه السلام –فقد بيع بدراهم معدودة لعزيز مصر وقد كان ذلك خيراً له لم يعلمه إلا بعد أن صار ملكاً على مصر .

محمود عبد القادر
ملوى فى 22/7/2006م

مناصب البسطاء

اعتاد الناس أن يخشوا المسئولين بقدر كبير يفوق أحياناً مخافتهم الله سبحانه ؛ فمثلاً تجد الموظف يخاف مديره مخافة لا حدود لها ويعمل له ألف حساب ويبذل كل جهده فى سبيل إرضائه باذلاً فى هذا الصدد أى شىء حتى لو كان خارج نطاق عمله .
كما اعتاد الناس أن يخافوا رجال الأمن وذوى المناصب والرتب فى هذا المجال لتحاشى نيل الأذى من هؤلاء فى حالة إغضابهم وقد أدى ذلك الخوف إلى احترام الناس لذوى المناصب ؛ ومعاملتهم معاملة حسنة . وفى ذات الوقت اعتاد الناس احتقار البسطاء كالموظفين والعمال والطبقات الدنيا فى مجتمعنا لعدم الخوف منهم ؛ زاعمين أن هؤلاء البسطاء لن يستطيعوا إيذاءهم وتبعاً لذلك اعتادوا مضايقتهم ومعاملتهم معاملة سيئة .     
والحقيقة غير ذلك تماماً ؛ فالبسطاء يملكون فى الواقع مناصب تفوق أهميتها مناصب المسئولين؛ لأننا بطبيعتنا البشرية التى فطرنا الله عليها نعيش مجتمعين يكمل كل منا الآخر ولا نستطيع التفرد ؛ فكل منا يحتاج الآخر ؛ فمثلاً الموظف يستطيع أن يكدر عليك حياتك عندما لا يختم لك ورقة مهمة وحينها ستكون مستعدا إلى بذل كل ما يريد هذا الموظف لإرضائه وستخشاه أكثر مما تخشى المسئولين ، وكذلك الأمر للعمال عندما تحتاجهم ؛ فتخيل مثلاً أن عامل النظافة لم يؤد عمله فما الذى سيحدث ؟! ستقوم الدنيا وتقعد وسنبذل كل جهودنا لإرضاء عمال النظافة .
 البسطاء قادرون على مضايقة الناس إذا ضايقوهم ؛ فالبشر يكمل كل منهم الآخر ويحتاجون بعضهم البعض .                                              
ضرورة عودة العقوبات البدنية
 لاقت العقوبات البدنية رفضاً من معظم علماء القانون ومشرعيه بزعم أنها تهدر كرامة وآدمية المحكوم عليه وأنها معاملة بهيمية لا إنسانية وأنها تكسب من ينفذها القسوة وموت القلب ولكنى أرد عليهم بالآتى :
 لو كانت العقوبات البدنية سيئة لما شرعها المشرع الحكيم – سبحانه وتعالى – فى شريعتنا الإسلامية ؛فقد شرع الله – تعالى – الجلد والرجم وقطع اليد كعقوبات بدنية ويتبين ذلك فى قوله تعالى:" إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"( 33 المائدة) وقوله –جل شأنه-" وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "(38المائدة) وقوله-عز وجل-:" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ"(النور2).
وعن اكتساب منفذ العقوبات البدنية القسوة فأرد بأنه على أية حال وبتنفيذ أى نوع من العقوبات سيكتسب حتماً من ينفذها القسوة وموت القلب وأشياء أخرى بحكم طبيعة عمله وتعامله مع المجرمين فهذا ليس مقصوراً فقط على من ينفذ العقوبات البدنية .    
وإذا كانت العقوبات البدنية تهدر كرامة وآدمية المحكوم عليه فإهدار كرامته وآدميته هو بيت قصد العقوبة فى نظرى فإزالة الكبر والغرور من النفس هو بداية الإصلاح الذى هو غرض العقوبة ، والمجرم قد أهدر كرامة المجنى عليه نظراً لغروره وتكبره فمثلاً القاتل أو المعتدى اعتداء بدنياً ما فعل ذلك إلا لتكبره وظنه أنه فوق القانون وفوق المجنى عليه وأن أحداً لا يستطيع معاقبته لذا يجب علاج كبره وغروره وذلك لا يكون فى نظرى إلا بإذلاله وإهدار كرامته ؛ فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم فإن ذلك لهم مذلة وصغار "(رواه العراقى في كتاب تخريج الإحياء بإسناد غريب) .
أرى ضرورة عودة العقوبات البدنية فى عصرنا هذا وحبذا عودة قطع يد السارق فإنها من أكثر العقوبات ردعاً ،والجلد وحبذا التعذيب بالكهرباء فى عصرنا الحالى.
ضرورة عمل المرأة
 للأسف الشديد فى عصرنا الحالى عندما يفكر معظم الفتيات فى الزواج لا يفكرن فى العمل زعماً منهن أن ديننا الحنيف قد حدد وظيفة المرأة بتربية الأبناء لكنى أرد عليهم بأن الناس قد عرفوا الله بالعقل وبأنه لابد أن نعبد الله بالعقل وصحيح أن هناك عبادات الأصل فيها الاتباع ولا يجوز فيها استخدام التفكير فيها ولا تعديلها كالصلاة مثلاً لكن هناك أشياء فى حياتنا تركها الله تعالى لتقدير عباده ؛ فقد قال الرسول –صلى الله عليه وسلم - :      " أنتم أعلم بأمر ديناكم " ، وصحيح أن وظيفة المرأة الأساسية هى رعاية شئون المنزل وتربية الأبناء لكن عمل المرأة ليس محرماً شرعاً ولا مكروهاً ؛ وأرى أن عمل المرأة فى عصرنا هذا ضرورة وسأثبت ذلك بالآتى:
 تفكر الفتاة فى الزواج لقضاء شهوتها الجنسية وتفكر فى الإنجاب لقضاء شهوة الإنجاب لديها ولا تفكر فى إعالة الأبناء مادياً باعتبار أن ذلك ليس عملها وإنما هو عمل زوجها .
وتفرح البنت عندما يطلبها رجل للزواج ويبهرها المهر الغالى الذى سيدفع لها وأنها ستعيش فى بيت ستكون هى سيدته وتبهر بأن طلباتها مجابة من الأثاث الفاخر وكل ما تريده من فخفخة فى تجهيز منزل الزوجية ، وتفرح جداً بأنها تنال ذلك دون أن تفعل شيئاً ودون أن تبذل أى مجهود لنيل ذلك فكل ما دفع الرجل للزواج منها إما جمالها الذى منحها الله إياه دون أن تفعل شيئاً وإما حسبها الذى منحه الله إياها أيضاً دون أن تفعل شيئاً ، ونادراً ما يكون الدافع دينها أو مالها وإذا كان الدافع مالها فغالباً ما تكون قد ورثته دون تعب منها أيضاً ؛ وقد يكون مستوى البنت الفكرى متواضعاً جداً (وقد رأيت أمثلة واقعية لذلك ) وكنت أحسد الفتيات على ذلك النعيم الذى ينلنه من أثاث ومسكن فاخر دون مجهود لكنى بعدما رأيت نتيجة ذلك علمت أن ذلك الموقف لا يحسد عليه وسأوضح ذلك جيداً .
لم تضع الفتاة أى احتمال فى أن زوجها قد يطلقها بعد إنجاب أطفال منها والقانون المصرى للأسف لا يحمى حق نفقتها ونفقة أبنائها الحماية اللازمة لأنه يقرر نفقة ضئيلة لا تجدى وعبء إثبات دخل الزوج يكون على الزوجة ، كما أن البنت لا تضع احتمالها فى أن زوجها قد يضايقها فتطلب الخلع منه وحينها سوف تتنازل عن كل حقوقها .
ما ذنب الابن الذى يولد فلا يجد مالاً كافياً للمأكل والمشرب والملبس الملائم بسبب أن أباه قد تخلى عنه والقانون لا يحميه الحماية الكافية وأمه لم تعمل حساب الدهر وتقلباته إنما كانت قصيرة النظر لم تفكر إلا فى شهوتها ؟! والأخطر من ذلك أن فتيات كثيرات من ذوات التفكير الشهوانى يتزوجن من رجال فى منتهى الفقر وينجبن منهم أبناء كثيرين بحجة أن الرزق على الله .
قد يحتج بعض الفتيات بحسن الاختيار والثقة فى الزوج لكنى أرد عليهم بأن البشر متغير وبأن الثقة مفتاح الخيانة وبأنه لا صواب لمن يظن أنه قد عرف شخص ما حق المعرفة لأن أى إنسان متعدد الشخصيات فقد يكون الإنسان شخصا فى العمل وشخصاً آخر فى المنزل وشخصاً آخر فى معاملة من يكون تحت سلطته فقد صدق القول " إذا أردت أن تعرف رجلاً فأعطه السلطة " وهناك صفات فى الإنسان لا تظهر إلا فى ظروف معينة ؛ فمثلاً قد يكون لديك دلو به بنزين وأنت تحسبه به ماء ولا تكتشف أنه بنزين إلا حين تشتعل النيران وتسرع إلى الدلو لتطفىء النيران بما به من ماء فتجد النيران تزداد اشتعالاً؛ ومثلاً هناك فقير لا يشرب الخمر ليس لأنه ملتزم ، لكن لأنه لا يملك مالاً لشراءه .
يقول تعالى : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم " ، ويقول الشاعر :
 " تحياتى لمجتمع السلام    وكفى ممسك بيد الحسام
 فإن مالوا لسلم فهو سلم    ترف عليه أسراب الحمام
وإن مالوا لحرب فهى حرب    تشيب لهولها رأس الغلام " .
لذا أرى ضرورة عمل المرأة وإصرارها على  الاستقلال بكيانها والاعتماد على نفسها لتأمين مستقبلها ومستقبل أبنائها .
وقد يكون الحل فى فرض القانون نفقة كبيرة على الزوج أو الأب لكن ماذا إذا كان الزوج فقيراً فعلاً وحتى لو حجز على راتبه كله وأمواله كلها ما غطت النفقة وحينها سيحبس الزوج لكن الحبس ليس حلاً كما أنه عقوبة غير رادعة ردع العقوبات البدنية فلو حكم على الزوج بعقوبات بدنية إذا لم يسدد نفقة الزوجة والأبناء التى يقررها القانون كبيرة بحيث تكفل طيب العيش للزوجة والأبناء دون أن تتعلق بفقر أو غنى الزوج سيردع ردعاً شديداً وسيفكر كل رجل ألف مرة قبل أن يتزوج ومليون مرة قبل أن ينجب أطفالاً .
دعونا نعود بالتاريخ للوراء ونرى نظام " ليكورجوس " فعندما تولى حكم إسبرطة فى أواسط القرن السابع قبل الميلاد جعل الدولة جهاز حرب مهمتها تنحصر فى تخريج وتربية الجنود الأقوياء الأصحاء وتنشئة البنات بحيث يصبحن أمهات جسورات ينجبن أبطالاً ، وعد "ليكورجوس " الأطفال ملكاً للدولة لا ملكاً لآبائهم وكان الصبى الإسبرطى ينتزع من أسرته متى بلغ السابعة من عمره ويربى من قبل الدولة لذا من الملاحظ أن " ليكورجوس" لم يترك أحد يفعل شيئاً على هواه وإنما كانت البلاد كلها تسير على هوى " ليكورجورس"، وبالرغم من تعسف هذا النظام وضيق أفق صاحبه فقد وصفه " أفلاطون " بأنه أقل أنواع الحكم فساداً ، وإن ما يعجبنى فى المثال السابق هو أن الأطفال كانوا ينشئون من قبل الدولة فى ظروف واحدة ؛ لأنى أتحسر حينما أرى طفلاً يولد لأب فقير وفى ذات الوقت أرى طفلاً يولد لأب غنى ويعيش فى ترف ويتلقى أحسن تعليم ومأكل ومشرب وملبس على عكس الآخر وما ذنب هذا الآخر ولد الفقير ؟! وما ذنب من ولد لأب قاسى القلب يعذبه ويضربه ؟! .
لذا أتمنى أن يكون للابن المتضرر من قسوة الأب أن يختار أن تربيه الدولة على أن يقنن القانون ذلك فيقنن نفقة باهظة يدفعها الأب للحكومة ويقنن القانون عدم استطاعة الأب منع ابنه من طلب التربية من قبل الدولة وحينها كما سبق أن ذكرنا سيفكر الرجل مليون مرة قبل أن ينجب أطفالاً .
لأن الشر فى الإنسان طبيعة فكان طبيعياً أن يسىء معظم الناس استخدام السلطة إذا ملكوها ولكن هذا أمر يمكن حله أو على الأقل يمكن اتخاذ إجراءات لمحاولة حله ومن هذه الإجراءات المطبقة فى بلادنا اشتراط كرم الأصل فيمن يتولى السلطة وحسن سيره وسلوكه ، ووضع ضوابط لذوى السلطة فى عملهم تمنعهم من التعسف إنما المشكلة الكبرى تتمثل فى تعسف الآباء مع أبنائهم والأزواج مع زوجاتهم .
إن الرجل عندما يتزوج امرأة فإنه فى الغالب لا يتزوجها لأنه يحبها لأنه فى الغالب يتزوج أنثى لم يعرفها ولم يحبها من قبل ، وإنما عندما أراد الزواج بحث عن فتاة تناسبه وتزوجها لإشباع رغباته العديدة وبالتالى لا تنتظر منه أن يكون همه إسعادها أو راحتها ولكن همه سيكون سعادته هو وراحته هو وإشباع رغباته ، وعندما ينجب أولاداً فإنه لم ينجبهم إلا لسعادته ولإشباع شهوة الإنجاب لديه وعندما يربيهم لا يكون همه سعادتهم وإنما يكون همه سعادته هو وفخره بهم .
إن أهداف الإنسان دائماً تكون فى الأشياء التى تسعده لا فى الناس مطلقاً وتكون همه مصالحه لا مصالح الناس ؛ لذا فجدير بالذكر أن الأب والأم حين يشقيان فى رعاية أولادهما ويبذلان كل ما فى وسعهما من طاقة فى ذلك لا يكون لهما أى فضل على أولادهما لأنهما لم ينجبا أولادهما إلا إشباعا لشهوة الإنجاب لديهما وعليهما بر أبنائهما وإعطاءهم حقوقهم فى الرعاية  .
وجب ذكر ما سبق لأنى لاحظت الكل يتحدث عن وجوب بر الأبناء بالوالدين ويغفل وجوب بر الوالدين بالأبناء.
****************************************************
الإيمان والثقة بالله
لأن معظم الناس ضعفاء الإيمان بالله-سبحانه- فقد كان طبيعيا أن يكون تفكيرهم دنيويا لا أخرويا بمعنى أنهم يخططون لمستقبلهم وحاضرهم وفق ما هو موجود حاليا من أوضاع  دون ذرة تفكير فى أن الله –سبحانه- قادر على أن يغير كل شىء فى لحظة وأنه إذا أراد فعل شىء فسيكسر كل قوانين الدنيا لتنفيذه ، وكان طبيعيا أن يعتمدوا على البشر لا على الله وأن يفكروا فى سلطات البشر لا سلطات الله ،ومن حكمة الله أنه لا يظهر عقابه أو ثوابه على عجل وإنما يتمهل ويعطى كل شىء فى الوقت المناسب فيمهل المخطئ ليتوب أو لتكثر ذنوبه فيشتد بها عذابه وتكثر مظالمه فلا يجد من يقول  عند وفاته :"رحمه الله" ويمهل سبحانه المصيب ليرى هل سيستمر فى الخير أم لا.
كان طبيعيا أن تجد الناس يتقربون لذوى السلطة من البشر ويسعون لكسب حبهم لا للمودة فى ذاتها  وإنما ليحققوا مصالحهم الشخصية وقد لمست ذلك جيدا حين كنت أسير فى الشارع مع أخى الأكبر الذى يعمل قاضيا فقد كنت أرى الناس يسلمون عليه بحرارة شديدة ويسعون لكسب وده بأية طريقة ولم يك أحد منهم يعطينى أى اهتمام ، وكنت أرى حين يحدث خلاف أو مشكلة بين شخص ذى سلطة وشخص عادى أن الناس يناصرون ذا السلطة ولو كان مخطئا لأنهم يخشونه ولأنهم يسعون لكسب وده  ولا أحد يناصر الضعيف ولو كان على حق ولم يفكر هؤلاء لحظة فى أن الله سيحاسبهم حسابا شديدا على هذا الظلم وأن من ناصروه قد تزول سلطته فى لحظة وتبقى سلطة الله –سبحانه – وهم لم يقدموا ما يكسبون به مودة الله وإنما قدموا ما يكسبهم مودة ذى السلطة الدنيوية الزائلة ( وجدير بالذكر أنهم إذا سعوا إلى كسب مودة الله فسينالونها حتما لأنها مضمونة إذا قدموا مقدماتها أما كسب مودة البشر فهو غير مضمون مهما قدموا له من مقدمات ).
لأن الله –سبحانه – يعلم أن الدنيا مصالح وأن أحدا لن يتحرك لعون أخيه الإنسان دون أن تكون له مصلحة شخصية جعل الله عون الإنسان لأخيه الإنسان عملا يجازى عليه الله عبده ولم يتركه بلا مقابل ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل معروف صدقة "(رواه السيوطى فى الجامع الصغير) وقال أيضا " الله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه"(رواه مسلم فى صحيحه).
  بصفتى رجل قانون فخور بالانتساب إلى أسمى علوم الأرض – القانون- أرى أن المجرم غبى بطبعه لأنه يعلم أن الجريمة معاقب عليها فى الدنيا والآخرة ورغم ذلك ارتكبها ، وقد اعتاد المجرم ذو السلطة أن يفرح بتعاون من يسعون للالتصاق بسلطته فى ارتكابه المظالم دون أن يفكر أو يفكروا هم فى أن من خان غيره سيخونهم لا محالة ودون أن يفكروا لحظة فى أن الله سيضرب الظالمين بالظالمين وفى أن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ودون أن يفكر الظالم فى أن سلطته قد تزول فى لحظة وحينها لن يجد أحدا من معاونيه على الظلم  بجواره ولم يفكر أيضا ذلك الغبى فى أن الإنسان متغير بطبعه وأنه قد يأتى اليوم الذى يغدر به فيه كل معاونيه على الظلم ويفشون كل أسرار مظالمه ولم يفكر أيضا فى أن هؤلاء يلتفون حوله لا حبا فيه وإنما لتحقيق مصالحهم الشخصية .
لقد وقع فى هذا الخطأ الجسيم بعض مسئولى النظام السابق فى حكومة بلادنا وقد فقدوا كل شىء الآن ؛ فالرئيس مبارك بعدما كان يثنى عليه الإعلاميون يوميا وكان الناس يتمنون منه نظرة وكان أعضاء حزبه الوطنى يهتفون باسمه لم يقف بجواره أحد بمجرد زوال سلطته والكل التف حول من يملك السلطة الحالية وتركوه تطبيقا للمثل الشعبى القائل "اللى يتجوز أمى أقول له يا عمى".
ودليل على أن الله-جل شأنه-يضرب الظالمين بالظالمين وعلى أن هذا العقاب من أشد العقوبات الدنيوية لأنه يتمثل فى خيانة الأصدقاء  أذكر أن الإعلاميين الذين كانوا يثنون على مسئولى النظام السابق وقتما كانوا يملكون السلطة هم الذين يفضحون أسرار جرائمهم الآن بعدما زالت السلطة منهم ؛ فقد شاهدت فى برنامج تلفازى الصحفى محمود نافع وهو يذكر أنه حينما كان يرأس تحرير صحيفة نهضة مصر وكتب تحقيقا عن الفساد فى مصر بالصحيفة اتصل به هاتفيا زكريا عزمى نائب رئيس الجمهورية السابق وقال له أن الحكومة أعطت للإعلاميين حرية الرأى لكن ليس لدرجة إفشاء أسرار الفساد المتفشى فى البلاد ، وشاهدت إعلاميا آخرا يذكر  أن أنس الفقى وزير الإعلام السابق اتصل به هاتفيا وقال له " الولاد اللى فى ميدان التحرير احنا شلناهم فى خمس دقائق " وتعجب ذلك الإعلامى من قوله "شلناهم" وتساءل هل يعمل ذلك المسئول وزيرا أم بلطجيا؟!
نتعلم من هذا الدرس أن الإنسان لانصير حقيقى له إلا الله سبحانه ؛ فحب الله لعبده أكبر مما يتخيل وأن حاجة الإنسان الحقيقية هى الحاجة إلى القرب من الله وإرضاء الله لا القرب من البشر ولا رضاء البشر عنه  لذا يجب على الإنسان أن يعتمد على الله فقط لا على الناس لأن الناس همهم مصالحهم لا مصالح غيرهم كما أن سلطاتهم دنيوية زائلة كما أنهم متغيرون بطبعهم ويمكن أن يخذلوه فى أية لحظة وطالما آمن الإنسان بذلك فيجب أن يتقى الله حق تقاته وألا يخاف من البشر وألا يهتم بسلطاتهم وألا يعتمد عليهم وألا يجعل همه رضاهم وإنما يعتمد على الله ويجعل همه رضا الله ويحفظ حقوق الله عليه ؛ فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"احفظ الله يحفظك،احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشىء لم يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف"(سنن الترمذى 2516).
ويجب أن يفكر الناس تفكيرا أخرويا لا دنيويا فلا يتقربون لذوى السلطة الدنيوية وإنما يتقربون إلى الله عز وجل ويثقون فى أن سلطة الله هى الأعلى وهى الدائمة المحفوظة من الزوال وأن يعلموا أن الله سبحانه إذا أراد فعل شىء فسيكسر كل قوانين الدنيا لتنفيذه والدليل هو العجب من النهاية السيئة للرئيس الذى حكم مصر ثلاثين عاما ولم يك أحد يتوقع مطلقا أن تكون نهايته كهذه، ولنر أيضا المطرب على الحجار بعدما كان من أثرى الرجال بمصر فقد ثروته واستدان من كل أصدقائه وفقد إعجاب المنتجين به وظل لا يعمل  ثم أراد الله أن يغنيه فعمل حتى سدد ديونه وعاد أثرى مما كان وأصبح يملك استديو وسيارة ثمنها نصف مليون جنيه .
-لذا إياك أن تغضب إذا فقدت كل أموالك ؛ فإنك قادر على أن تحرز مثلها مثلما فعلت من قبل .
قد يستغرب البعض حين يعملون بجد ثم لا يجدون نتائج جيدة ويتعرضون للظلم وتضيع حقوقهم ويظلون يدعون الله أن ينصرهم  فلا يجدون نتائج إيجابية ظاهرة عاجلة فيظنون أن الله لا يسمعهم ويختل إيمانهم بالله لكن من حكمة الله أنه يدخر ثمار عملنا الصالح ليردها لنا فى الوقت المناسب وفى شىء أفضل مما كنا ننتظره كما أنه يختبر بذلك التأخير صبر عبده واستمراره فى عمله الجاد وفى إيمانه وقد أقسم الرسول صلى الله عليه وسلم على قوله "ما ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا"(سنن الترمذى 2325) وقال تعالى"إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً "(30الكهف)
مشكلة كبيرة
لأن الشر فى الإنسان طبيعة فكان طبيعياً أن يسىء معظم الناس استخدام السلطة إذا ملكوها ولكن هذا أمر يمكن حله أو على الأقل يمكن اتخاذ إجراءات لمحاولة حله ومن هذه الإجراءات المطبقة فى بلادنا اشتراط كرم الأصل فيمن يتولى السلطة وحسن سيره وسلوكه ، ووضع ضوابط لذوى السلطة فى عملهم تمنعهم من التعسف إنما المشكلة الكبرى تتمثل فى تعسف الآباء مع أبنائهم والأزواج مع زوجاتهم .
إن الرجل عندما يتزوج امرأة فإنه فى الغالب لا يتزوجها لأنه يحبها لأنه فى الغالب يتزوج أنثى لم يعرفها ولم يحبها من قبل ، وإنما عندما أراد الزواج بحث عن فتاة تناسبه وتزوجها لإشباع رغباته العديدة وبالتالى لا تنتظر منه أن يكون همه إسعادها أو راحتها ولكن همه سيكون سعادته هو وراحته هو وإشباع رغباته ، وعندما ينجب أولاداً فإنه لم ينجبهم إلا لسعادته ولإشباع شهوة الإنجاب لديه وعندما يربيهم لا يكون همه سعادتهم وإنما يكون همه سعادته هو وفخره بهم .
إن أهداف الإنسان دائماً تكون فى الأشياء التى تسعده لا فى الناس مطلقاً وتكون همه مصالحه لا مصالح الناس ؛ لذا فجدير بالذكر أن الأب والأم حين يشقيان فى رعاية أولادهما ويبذلان كل ما فى وسعهما من طاقة فى ذلك لا يكون لهما أى فضل على أولادهما لأنهما لم ينجبا أولادهما إلا إشباعا لشهوة الإنجاب لديهما وعليهما بر أبنائهما وإعطاءهم حقوقهم فى الرعاية  .
وجب ذكر ما سبق لأنى لاحظت الكل يتحدث عن وجوب بر الأبناء بالوالدين ويغفل وجوب بر الوالدين بالأبناء.
المجرم غبى بطبعه لأنه لم يفكر فى أنه لو أفلت من عقاب السلطة الدنيوية فإنه لن يفلت من عقاب الله سبحانه فى الآخرة .
ومن غباء الآباء المتعسفين مع أبنائهم وزوجاتهم أنهم نسوا أنهم لو أفلتوا من عقاب الدنيا بسبب عدم تقنين القانون لهذه الأمور فإنهم لن يفلتوا من عقاب الله سبحانه فى الآخرة ، وصحيح أن الله غفور رحيم لكنه – جل شأنه – لا يسامح فى حقوق الناس ولا يهدرها لأنه الحق .
بلدنا أمانة فى أيدينا
يقول الشيخ الشعراوى"الثائر الحق هو من يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبنى الأمجاد.
ما يجب إدراكه والاهتمام والعمل به بجدية هو أن الفساد لا يأتى من المسئولين فقط فصحيح أن فساد السلطة هو التربة الخصبة لفساد الشعب ولكن الشعب هو العامل الأهم فى تحقيق الفساد ونموه لأن الفساد لا ينمو إلا بقبوله والسكوت عليه والتعاون فى تنفيذه لتحقيق المصالح الشخصية دون نظر إلى الصالح العام برعونة وضيق أفق وقصر نظر بالغين وأذكر المثل الشعبى القائل "يا فرعون إيه فرعنك ؟ملقيتش حد يلمنى"و إنى أتساءل بعجب لم لم يثر شعبنا على موظف صغير مرتش أو مقصر فى عمله .
لقد خلقنا الله سبحانه لعمارة الأرض وأنعم علينا بوطننا الحبيب وإذا كان وطننا محروماً من كثير من الموارد فلديه أعز الموارد ألا وهو الثروة البشرية التى تمثل الكنز الحقيقى لأى مجتمع.
 لنتذكر قول الشاعر" وما يرفع الأوطان إلا رجالها     وهل يترقى الناس إلا بسل؟"
إن لم نفق من غفلتنا ونرفع وطننا الحبيب فمن سيرفعه ؟!
يجب أن نكون غيورين على وطننا وأن نتحد ونقف صفاً واحداً من أجل رفعة وطننا الحبيب ، ويجب أن نوقظ قلوبنا وعقولنا من غفلتهم ونعلم أن مصلحة الوطن من مصلحتنا الشخصية ونكف عن إيذاء بعضنا البعض وعن النقد الهدام وعن التمرد على الحكومة وعن الفساد ومحاولة الإصلاح بدلاً من هذا التمرد والكف عن النصب على بعضنا البعض فى كل شىء حتى لا نتعرض لرد فعل هذا النصب والإيذاء من كل منا ونظل فى صراع داخلى أهلى بدلاً من التكاتف .
إننا نحمل إرثاً حضارياً يجدر بنا أن نحافظ عليه فليبدأ كل منا بإصلاح نفسه ولندع الشعارات الهدامة القائلة بتعجب " أنت هتصلح الكون ؟  ولم لا نصلح الكون وقد خلقنا الله لتعميره ؟!" ليؤد كل منا عمله بإتقان ويوقظ ضميره ويراقبه ولنتعاون فى خدمة بعضنا البعض وفى خدمة وطننا الحبيب .
إذا نظرنا إلى بعض الدول المتقدمة فإننا سنرى أسباباً كثيرة لتقدمها ولعل أهم هذه الأسباب كثرة مواردها وتوافر مقومات النجاح فى جميع المجالات فيها وأهم مورد من هذه الموارد هو المورد البشرى الذى تعد جودته أساس تقدم هذه الدول وتتمثل تلك الجودة فى التزام مواطنى هذه الدول بالأخذ بأسباب النجاح والتقدم والتفوق من أجل مصلحتهم ومصلحة موطنهم الذى وفر لهم كل احتياجاتهم فأصبحوا غيورين عليه وباتوا يعلمون أبناءهم جيلاً بعد جيل هذا المبدأ منذ نعومة أظفارهم فيأخذون بأسباب التقدم ولا يعرفون الهرج ولا المرج ويسيرون فى الطريق الذى يجلب الخير لهم ولوطنهم الذى يحبونه .
تعالوا بنا ننظر إلى بعض الدول الفقيرة المتقدمة ، سنجد السبب الرئيسى لتقدمها هو حرص مواطنيها على مصلحة وطنهم ورفع شأنه وإظهاره بشكل جيد أمام العالم ومن ثم يحرص مواطنو هذه الدول على استغلال الموارد القليلة أفضل استغلال حتى لا يشعروا بأنهم أقل أهمية أو علماً أو بأنهم لم يستطيعوا إثبات وجودهم .
هؤلاء قهروا الفقر و نقص الموارد وتغلبوا عليهما بإرادتهم التى صنعت لهم المستحيل فاستحقوا تقدير العالم .
إذا عقدنا مقابلة بين حال هؤلاء وحال مجتمعنا المصرى فبالتأكيد لن تكون هذه المقابلة فى صالحنا لكن علينا أن نعقدها لنعرف أسباب كبوتنا ونسعى لتصحيحها .
إن وطننا الغالى مصر أمدنا قدر استطاعته بكثير من الخدمات المجانية كمجانية التعليم مثلاً لكن للأسف معظم هذه الخدمات مزيفة ومظهرية فقط ولا تلوم فى هذا التزييف وطننا الحبيب وإنما نلوم شعبنا الذى أساء استخدام هذه الخدمات ؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد المسئولين فى معظم المصالح الحكومية يماطلون ويتكاسلون فى تأدية عملهم وقس على ذلك الفساد والإهمال والاستغلال السيىء لموارد الدولة الكثير من الصور مثل الباعة الجائلين الذين تزدحم بهم الشوارع ويعوقون المرور بالطرق ويتسببون فى الكثير من الحوادث ويلقون بالسباب على بعضهم البعض الأمر الذى يسبب تلوثاً سمعياً فى شوارعنا كما تجد المواطنين يكرسون كل جهدهم فى تخريب المرافق العامة دون فائدة تعود عليهم من هذا السلوك السيىء وكأن عقولهم قد ماتت فأصبحوا يخربون بيوتهم بأيديهم دون فائدة تعود عليهم وتمادياً لسلوكهم السيىء فإنهم يمارسون النصب على بعضهم البعض وكل من يُنصَب عليه أو يُغَش فى شىء يحاول أن ينصب على الآخرين ليروى غليله الأمر الذى أدى إلى انتشار الكراهية والعدوانية والفرقة بين أفراد شعبنا وقد أدى ذلك بدوره إلى ضعف مجتمعنا المصرى فى المجالات كافة.
من الحمق والسذاجة أن يسلم الإنسان بكل شىء ويصدق أى شىء ويسير وراءه ويؤمن به ويفعله دون أن يتبينه ويفكر فيه ، وقد علم الفيلسوف اليونانى " سقراط " شباب إثينا عدم التسليم بالعادات والتقاليد القديمة دون التفكير فيها فإن معظم شعبنا الآن لا يتحد إلا فى  تنظيم المظاهرات والهتافات والحملات والاجتماعات والمؤتمرات فهو يعشقها  دون أن ينظر إلى مدى الاستفادة من هذه الأفعال ودون جدية فى الاستفادة منها وإن معظم شعبنا يتفنن ويكرس كل جهده فى غش بعضه البعض والنصب على بعضه البعض وتعطيل مصالح بعضه البعض .
فمثلا منذ فترة نظم طلاب جامعتنا حملة عن اللغة العربية وكانت هتافاتهم تهز الجامعة وعندما نظرت إلى شعار الحملة وجدته مكتوباً هكذا " احمى لغتك " والصواب " احم لغتك " ولم تتضمن الحملة ندوات عن التصويب اللغوى ولا كتبا عن شىء مفيد فى اللغة وإنما ضمت هتافات ونشر الملصقات فقط ... عجبى .
ورأيت أيضاًَ مظاهرة عن الانتفاضة الفلسطينية نظمها حشد كبير جداً من الناس ولم تفد المظاهرة الانتفاضة الفلسطينية بشىء وعندما بدء جمع التبرعات التى تستفيد منها الانتفاضة فعلاً لم يشارك إلا عدد قليل جداً وانفض الحشد الكبير وسط ذهول شديد منى ، ورأيت آنذاك كيف يجرى شعبنا وراء الشعارات وترويج الإشاعات وتتملكه القابلية للاستهواء وعند وقت الجد والعمل الحقيقى لا الكلام لا تجد إلا القليل ممن رحم ربى ، وخير الأمثلة التى يجدر ذكرها المقاطعة الاقتصادية التى يتحمس شعبنا لها دون أن يفهم نتيجتها ولو فهم نتيجتها لبعد عنها كل البعد ؛ فإن الشركات التى يريدون مقاطعتها شركات عالمية لها فروع فى كل أنحاء العالم إذا قاطعناها فسيغلق فرعها فى مصر وستبقى باقى فروعها تعمل كما هى ولن تتأثر هذه الشركات بخسارة هذا الفرع مثلما سيتأثر العاملون فى هذا الفرع من شعبنا .
من ير اهتمام المصريين فى التظاهر المطالب برحيل الرئيس مبارك يعتقد أن مصر أقوى دولة فى العالم بقوة شعبها الذى كان يقف وقفة رجل واحد آنذاك ويعتقد أيضا أن هذا الشعب إذا اتحد واجتمع على فعل شىء بنفس القوة والاهتمام والإصرار الذى اجتمع عليه لاستطاع بكل سهولة أن يفعل ذلك الشىء.
 أتعجب لماذا لم يثر شعبنا ضد موظف مرتش ؛فالفساد لا يأتى من شخص واحد مهما كانت سلطته وإنما يأتى من تعاون الأطر الشبكية .
قد تظن عزيزى القارىء أن كلامى خطأ وأنه افتراء على شعبنا محتجاً بأن كل مكان فى الدنيا به الخير والشر لكنى أرد عليك بأن اليابان مثلاً التزام الناس فيها بالقوانين الرادعة و غير الرادعة هو الشائع وعدم الالتزام هو النادر على عكس الحال فى مجتمعنا تماماً فهنا إن لم يك القانون رادعاً لما التزم به إلا القليل ممن رحم ربى .
وقد تحتج – عزيزى القارىء- أيضاً بأن بلدنا مليئة بالشهامة والكرم وبأن الحياة فى الغرب تسير بمبدأ " الدنيا مصالح " لكنى أرد عليك بأن الحياة إذا سارت بمبدأ " الدنيا مصالح " لأصبحت نعيماً منقطع النظير لأن الله – سبحانه وتعالى – قد جعل الدنيا تسير بهذا المبدأ "الدنيا مصالح " ولم يترك الشهامة وفعل الخير رجماً بالغيب ففضلاً عن تقنين المشرع الحكيم له وفرضه المساعدة والتكافل جعل فعل الخير مجازى عليه ؛ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " كل معروف صدقة "(رواه السيوطى فى الجامع الصغير) .
لقد أوضح برنامج " خواطر " التلفازى الذى أعده وقدمه " أحمد الشقيرى " والفيلم المصرى "عسل أسود " بطولة الفنان " أحمد حلمى " والفيلم المصرى " بالألوان الطبيعية " أن معظم شعبنا فى منتهى السوء مع وجود قلة قليلة جداً بين هذا الشعب صالحة يجب أن تحكم البلاد ولكن كيف ستستطيع الإصلاح وسط فساد الناس النابع من نفوسهم لا من شىء آخر فهو ذاتى المنيع كعضلة القلب ذاتية الحركة ، ودعونا نتخيل ما فائدة أفضل مدرب إذا منح لفريق لاعبوه فاسدون؟! ؛ كذلك القوانين الجيدة لا تجدى دون وجود سلطة جيدة تنفذها والاثنان لا يجديان دون وجود شعب يساعدهما على التنفيذ ؛لأن أى نجاح أو فساد فى العالم لا يأتى من شخص بمفرده مهما كانت سلطاته أو جبروته أو قوته وإنما يأتى من تعاون مجموعة أطر الشبكية وقد كان أهم شىء ساعد الخليفة المصلح " عمر بن عبد العزيز " فى مشروعه الإصلاحى التفاف شعبه حول مشروعه الإصلاحى عندما لمسوا صدق المشرف عليه وإخلاصه .
فى حال فساد شعبنا أرى صدق المثل الشعبى"هم اللى علموا الكذب يكذب "؛ فقد كنت اعتقد أن إصلاح القوانين واتباع مبدأ"سد الذرائع"(الموجود فى شريعتنا الإسلامية بهدف إغلاق طرق المعاصى) كفيلاً لإصلاح مجتمعنا لكنى اكتشفت أن ذلك ليس كافياً وأنه لابد أن يصلح الشعب نفسه بنفسه وسأسرد تجربة تدل على ذلك:
فى البنوك اتبع نظام الأرقام على الخزانة منعاً للوساطة فى ترتيب قضاء العملاء معاملاتهم البنكية بمعنى أن عميل البنك يتسلم عند دخوله البنك رقماً مسلسلاً من موظف الأمن وهم رقم دوره وينتظر حتى يأتى دوره بأن يظهر رقمه على شاشة الخزانة وهذا النظام معمول به منعاً للوساطة لأن الأرقام بترتيبها التسلسلى لا تدع فرصة لتحشير رقم بينها لكنى رأيت مرة الخزانة بعدما ظهر عليها رقم 445 لم يظهر عليها 446 وإنما ظهر عليها 334 وذلك لأن عميلاً ذا وساطة أراد أن يقوم بمعاملة بنكية فى تلك اللحظة فأعطوه هذا الرقم وعندما تجادل مسئولى البنك فى ذلك يخبرونك بأنه حين أتى دور رقم 334 كان صاحبه بالخارج وأتى الآن ( وطبعاً هذا كذب لأنه لو حدث ذلك فعندما يعود صاحب رقم 334 سيكون عليه سحب رقم جديد والانتظار من جديد ) ، كما إن هناك ذريعة أخرى يتخذها موظفى البنوك فى ذلك الأمر فقد يحتفظون بالأرقام العشرة الأولى ( من 1 : 10 ) ليعطوها لمعارفهم وأصدقائهم وللمسئولين كى لا ينتظروا دورهم على الخزانة !
حينذاك تأكدت أن هذا الشعب الذى تشربت نفسه روح الفساد لن يصلحه أى نظام صالح إلا لو كان الإصلاح نابعاً من نفسه وقد صدق القول : " لا ينفع الجرباء قرب صحيحة لها      ولكن الصحيحة تجرب ) .
وحتى إذا توفرت السلطة التنفيذية الناجحة والقوانين الرادعة فلن يجديا دون تعاون الناس فى التنفيذ ؛ لأن القوانين الدنيوية تتعامل فى الظاهر ولا تستطيع كشف الباطن ولا التدخل فيه كالنيات مثلاً ؛ لذا هناك أشياء لا تستطيع القوانين الوضعية تقنينها ؛ فمثلاً عندما يدخل عميل البنك لإيداع رصيد بحسابه ؛ فإيصال إيداعه الذى يتسلمه من الصراف يثبت حقه وقد قنن القانون ذلك لكن إذا تسلم الصراف المال من العميل ولم يعطه إيصال إيداع وأنكر حقه ولم يك هناك شهود أو شهدوا زوراً فإن القانون الدنيوى حينها لن يستطيع تقنين ذلك ولابد من صلاح الناس وتعاونهم مع القانون .
حين كنت صغيراً كنت أظن أن من يملك سلطة تخول له معاقبة كل من يؤذيه من المفسدين سيعيش سعيداً لذا اعتقدت أن أفراد الشرطة أسعد الناس لكنى حين كبرت اكتشفت خطأ ذلك الاعتقاد وسأوضح ذلك بالآتى :
- إن الفرد فى مجتمعنا يضايقه الفاسدون عشرات المرات يومياً وسأذكر مثالاً بسيطاً جداً فمثلاً عند شرائك أى شىء تجد البائع يغش فى الميزان وفى السلعة وفى السعر والكل يغش فى كل شىء فلو كان المشترى أحد أفراد السلطة  وقرر الانتقام من هذا البائع بطريقة غير قانونية فإنه لن يحل المشكلة حلاً جذرياً لأن ذلك إن أصلح فسيصلح هذا البائع فقط وقد لا يصلحه ولكنه يخيفه فيجعله يراعى ضميره أمام هذا المشترى فقط ولن يتحقق الردع العام ، كما أن الانتقام لا يريح المنتقم هنا لأنه قد تضرر فعليا بالنصب والاستغلال والغش وسيتعرض له يومياً من عشرات البائعين الآخرين .
أرى أن حل ذلك يكمن فى تطبيق التفتيش السرى الذى سأذكره بالتفصيل لاحقاً لكنه لن يجدى إلا بتعاون الشعب .
   قد يتبادر إلى ذهنك – عزيزى القارىء – أنى أقصد من ذلك أن وطننا لن يصلح حاله أبد الدهر وأنى يائس من ذلك لكنى لست كذلك بل إنى مؤمن بأن إصلاح جزء خير من فساد الكل وبأن علينا أن نحاول قد استطاعتنا كل فى مجاله ومكانه يبدأ بنفسه ولكل مجتهد نصيب ؛ فيقول تعالى " إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً "(30الكهف) ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر " (رواه أبوهريرة فى صحيح النسائى) ، ويقول الكتاب المقدس: "من يعرف أن يعمل حسناً ولا يفعل فتلك خطية له "يع 4 : 7 " .
لا تتصل بـ 0900
   ترى هل يأتى ذلك اليوم الذى توزع فيه الملايين و آلاف الجنيهات وأطنان الجواهر والألماس والذهب مجاناً بدون أى تعب أو مجهود ؟! هل يأتى اليوم الذى تحصل فيه على كل هذه الأحلام بمجرد ضغطة زر منك أو بمكالمة هاتفية لا تتعدى تكلفتها الجنيه الواحد ؟ هل يأتى ذلك اليوم الذى يصبح فيه جميع الناس مليونيرات ويودعون الفقر وضيق الحال ؟ هل يأتى اليوم الذى لا يعمل فيه أحد ولا يتعب ولا يبذل أى جهد بل يصبح كل ما عليه أن يتلقى ما يأتيه من هذه الكنوز الطائلة ليسعد بها ويستمتع بحياته ؟! إنه بالتأكيد حلم يراود البشر لكنه للأسف الشديد لن يتحقق وإلا أصبحت الحياة لا قيمة لها ؛ فلا قيمة للحياة بلا تعب والدنيا دار اختبار وفرز وتعب لا دار هناء ونعيم وقد خلق الله فيها الخير والشر ليختبر عباده فيهما .
إن هذا اليوم لو أتى فسيتساوى من يعمل مع من لا يعمل بل لن يعمل أحد الأمر الذى سيؤدى إلى هلاك الناس وتدمير حياتهم .
وقد تظن أن ما أتحدث عنه خيال لكنك إذا جلست ولو لبضع دقائق أمام أية محطة تلفازية فلن تجد برنامجاً ولا مسلسلاً ولا أية مادة مبثة إلا وتتخللها عشرات الفواصل الإعلانية من مسابقات الـ 0900 التى قد تشعرك بأنك ستصبح مليونيراً قريباً بلا مجهود وبدون استغراق وقت طويل وتجد الأسئلة فى منتهى السهولة والتفاهة والجوائز خيالية وقد يدفعك ذلك إلى رفع سماعة الهاتف والاشتراك بهذه المسابقات فترد عليك فتاة رقيقة يشعرك صوتها الحنون بالصدق والتفاؤل والسعادة الغامرة وتؤكد لك أنك ستصبح مليونيراً خلال دقائق بعد إجابتك عن السؤال المطلوب إجابته فتجيب بمنتهى السخرية من سهولة السؤال وتسجل بياناتك وتضع سماعة الهاتف و أنت فى قمة الإثارة والسعادة والانبهار ثم تنتظر اللحظة التى ستصبح فيها مليونيراً حينما تفوز بإحدى الجوائز التى لا يقل أى منها عن الآلاف والملايين والكنوز فتفاجأ بأن الأيام تمر يوماً تلو الأخر دون أن يحدث ذلك بل ما يحدث هو أن تأتيك فاتورة الهاتف عالية جداً إثر كثرة اتصالاتك بهذه المسابقات .
إذا حدث لك ذلك فقد نجح مصممو المسابقة فى خداعك ، وقد فشلت فى تروى الأمر ، ترى ما الذى دفعك لفعل ذلك ؟! إنها القابلية للاستهواء وهى سرعة التصديق والانخداع و تستخدم فى معظم الإعلانات التجارية التى تظهر غير ما تبطن أو تبالغ فى إظهاره ، وإن حماقتك وتسرعك أيضاً قد دفعاك لفعل ذلك فلو كنت عاقلاً وحكيماً لترويت الأمر وأدركت أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة وأن شيئاً لا يأتى من الفراغ و لسئلت نفسك من ذلك الأحمق الذى يضيع ماله وثرواته هدراً وهملاً ويعطيها لكل من يتصل هاتفياً ، و لسئلت نفسك أيضاً ما الفائدة الثقافية من هذه المسابقات إذا كانت إجابات الأسئلة لا تذاع ، وقد دفعك أيضاً لفعل ذلك طمعك فى الكسب السريع وفى أن تصبح ثرياً فى زمن يسير وبلا مجهود ولا تعب .
مسابقات الـ 0900 تعد أحدث وسائل النصب حالياً ، ترى من أين أتت هذه الأفكار الشريرة الماكرة الخادعة ؟! إنها بالتأكيد قد خرجت من عقول ضحايا البطالة المنتشرين بكثرة فى أنحاء وطننا الحبيب ، فهم أيضاً يبحثون عن الكسب السريع عن طريق الخداع والنصب على العقول التافهة المليئة بالطمع ؛ ولأن هذه الأفكار لم تخرج فقط من عقول بعض العاطلين وإنما خرجت من قلوبهم المليئة بالشرور والبعيدة كل البعد عن الله فإنها وصلت بكل سهولة إلى قلوب وعقول أمثالهم من العاطلين الذين يفكرون نفس التفكير فى الكسب السريع بلا تعب .
الجدير بالذكر والمثير للعجب هو استخدام الأسئلة الدينية والآيات القرآنية الكريمة فى وسيلة النصب هذه !
قد يتعاطف مع هذه المسابقات القلائل الذين فازوا بإحدى جوائزها معتقدين أن أصل المسابقة الحظ وأن عدد الفائزين قليل جداً لكنى لست معهم فلو كان عدد الفائزين قليلاً فى بعض هذه المسابقات التى زعمت أنها أصدقت وعدها بفوز متسابق واحد كل عام أو كل ستة أشهر ؛ إذاً لوجب التنبيه بذلك الأمر فى الإعلان عن المسابقة – لا المبالغة – واستهواء الناس .
لا يصح لى أن أنهى هذه المقالة دون أن ألوم إعلامنا الذى لم يضع حاجزاً لهؤلاء النصابين ولم يوقفهم عند حدهم بل يتمادى فى بث هذه الإعلانات دون وجود أية رقابة !
تذكروا القول القائل :" المال لا ينجم من الأرض ولا يهبط من السماء وإنما يكتسب اكتساباً " .
ضرورة التواصل مع القارىء والمتابع
كلنا يعلم جيداً أن وسائل الإعلام المقروءة تعتمد فى ربحها على التمويل الإعلانى بصورة أكبر من اعتمادها على كثرة المبيعات لكن كثرة المبيعات هو الطريق المؤدى لتدفق سيل التمويل الإعلانى وكذلك الأمر بالنسبة للوسائل المرئية والمسموعة فكثرة متابعيها هو الطريق المؤدى إلى كثرة التمويل الإعلانى .
وفى نظرى أرى أن التواصل مع المتابع فى الوسائل المسموعة والمرئية ومع القارىء فى الوسائل المقروءة هو أهم شىء لتحقيق كثرة المتابعين ومن ثم تحقيق كثرة التمويل الإعلانى ونجاح الوسيلة الإعلامية .
ومن أكثر الوسائل الإعلامية المقروءة التى حققت نجاحاً منقطع النظير بسبب تواصلها مع القارىء مجلة ماجد الإماراتية للأطفال ؛ ففيها باب اسمه " بين ماجد وأصدقائه " يقدم فيه القراء اقتراحاتهم واستفساراتهم وترد عليهم إدارة المجلة ، وركن تعارف لنشر بيانات هواة المراسلة ، وركن للمبادلة ، وركن لحل المشاكل ، ومسابقات ذات جوائز ،وتهتم المجلة باقتراحات القراء وتنفذها قدر المستطاع وإن لم تستطع تنفيذها فإنها ترد على المقترح رداً مقنعاً حتى لا تخسر قارئاً واحداً وإنما يكون عدد قرائها فى زيادة مستمرة الأمر الذى وضعها منذ نشأتها وحتى الآن على عرش مجلات الأطفال العربية ، وكانت مجلة الشباب المصرية متربعة على عرش المجلات العربية الشبابية فى فترة التسعينيات بسبب تواصلها مع القارىء ؛ فكانت تحوى هدايا يطلبها القراء وكان بها أبواب " أبحث عن شريك فى العمل – مستشارك الخاص – أريد أن أعرف " لكن هذه الأبواب توقفت منذ أعوام .
أعجبتنى مجلة باسم السعودية للأطفال حينما نفذت اقتراح القراء بإصدار أسطوانة حاسوب مع كل عدد تضم أعداداً قديمة من المجلة فى صورة كتاب إلكترونى ، وأعجبتنى صحيفة " اضحك للدنيا " المصرية عندما أغلقت عام 2006م ؛ ففى عددها الأخير نشر جميع كتابها ورساموها برائدهم الإكترونية للتواصل مع القراء .
لم أر كاتباً حقق التواصل مع القارىء على أكمل وجه وأدى ذلك إلى نجاحه قدر الكاتب الساخر والرسام المهندس/خالد الصفتى مؤلف سلاسل كتب " فلاش–سماش–سوبر فلاش–مغامرات فلاش–مطبوعات فلاش– بانوراما "؛ فقد كان يخصص باباً للقراء فى كل عدد من هذه السلاسل ولا يهمل رسالة أى قارىء دون أن يرد عليها رداً مقنعاً .
ويعجبنى جداً الكاتب الذى يترك عنوانه وبريده الإلكترونى تحت مقدمة كتابه وكذلك البرامج التلفازية وكتاب الصحف الذين يفعلون ذلك ؛ فهذا يترك للقارىء حق الاستفسار والاقتراح وإبداء رأيه .
هناك وسائل إعلامية يحبها القراء حباً جما لكنهم يستاءون من عدم تواصلها معهم الأمر الذى يسبب لهم مشكلات ، فمثلاً صحيفة "المساء" المصرية صحيفة لها شعبية كبيرة جداً لكن ثمنها تسعون قرشاً مصرياً وهذا يسبب استياء القراء لأنهم يدفعون للبائع جنيهاً أى مائة قرش ولا يحصلون على العشرة قروش الباقية لعدم وجود نقود مفكوكة لدى البائع أو المشترى ، وأيضاً هناك جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين الثقافة المصرية التى تقيم أنشطة ومسابقات ثقافية رائعة ذات جوائز أكثر روعة لكن الإعلان عن هذه الأنشطة والمسابقات لا يحدث بشكل جيد تماماً وموقعها على الشبكة العالمية لم يحدث منذ إنشائه ونادراً ما تجد أحداً يعرف هذه الجمعية ويتابع أنشطتها .
كانت هناك وسائل إعلامية رائعة لم تك تحقق التواصل مع المتابع وقد أغلقت والله –سبحانه – أعلم هل أغلقت لهذا السبب أم لغيره ، ومن هذه الوسائل مجلة " شارع الصحافة " المصرية الرائعة التى كانت تصدر شهرياً وكانت تضم أهم ما نشر فى الصحف المصرية خلال شهر ، وقناة السفر العربية Arabian Travel   وهناك وسائل إعلامية ينقصها التواصل مع القارى كى تتربع على القمة منها مجلة شباب 20 الإماراتية ومجلة شبابلك السورية .
ضرورة تدريس الثقافة الجنسية بمدارسنا العربية
مع انتشار المواقع الإباحية على الشبكة العالمية وانتشار تصفحها من قبل شبابنا أدت مشاهدتهم الأفلام الإباحية إلى اعتقادهم اعتقادات خاطئة واكتسابهم معلومات خاطئة تماماً عن الجنس وهذا أمر بالغ الخطورة يتطلب ضرورة تدريس الثقافة الجنسية لطلابنا فى المدارس وهم فى سن مبكرة حتى لا ندع فرصة للأيدى العابثة لتبث الدمار فى عقول شبابنا .
لا يضر السحاب نباح الكلاب
دخلت مجال صاحبة الجلالة عندما كان عمرى عشرة أعوام وحينها لفت نظرى تمتع الصحافة فى بلادنا بحرية زائدة عن الحد بقدر يبيح للجهلاء من الصحفيين العبث بعقول الناس وبث كراهية الحكومة فى نفوس شعبنا بسب حكومتنا بغير وجه حق، واستغلال قابلية شعبنا للاستهواء فى نشر الشائعات وينطبق على هذا الحال المثال القائل :" رزق الهبل على المجانين " ، وقد سألت أحد أساتذتى آنذاك عن سبب ترك الحكومة هؤلاء العابثين دون عقاب أو وقف فأخبرنى أن الكتابة هى أسلوب العاجزين الذين لا يستطيعون الفعل لذلك يكتبون ؛ لأنهم لو استطاعوا أن يفعلوا ما يريدون لما كتبوه وما توانوا عن فعله والحكومة تتركهم بتطبيق مبدأ " لا يضر السحاب نباح الكلاب " .
والوسط الصحفى لدينا للأسف يضم مجموعة سيئة جداً من الصحفيين يطلق عليهم فى لغة الصحافة "البصمجية" وهؤلاء هم من لا يفهمون ما يكتبونه وكل هدفهم جذب القارىء واستغلال قابليتهم للاستهواء بنشر الشائعات والعناوين المثيرة وعلى سبيل المثال ما حدث فى عام 2006م حين احتاجت هيئة النقل العام المصرية لسائقى أتوبيس وتحدث المهندس صلاح فرج رئيس الهيئة ذاكراً أنه قدم تسهيلات واسعة لتعيين السائقين دون جدوى وتساءل ماذا يفعل ؟ هل يستورد سائقين بعد كل هذا ؟ ، فترك الصحفيون البصمجية كل التسهيلات وكتبوا مانشيت بعنوان " صلاح فرج يستورد سائقين " وبعيداً عن البصمجية هناك وسائل إعلام دءوبة فى تغطية كل صغيرة وكبيرة من الأحداث وقد سبب لها دأبها الزائد عن الحد الاهتمام بأشياء لا تستحق الاهتمام وعندما يهتم السحاب بنباح الكلاب يكون خطأ السحاب باهتمامه أكبر من خطأ الكلاب بنباحها ؛ لأن الكلاب عندما تنبح لا تستحق أن يهتم بها أحد ؛ لأنها غالباً تنبح بهدف الظهور الكاذب والشهرة فقط دون هدف آخر مفيد ، ومن أمثلة ذلك ما فعلته إحدى المحاميات المصريات عندما صرحت بأن أجساد الفتيات الإسرائيليات حلال لرجال العرب لأن الإسرائيليين يهتكون أعراض العرب فى فلسطين واهتمت بتصريحها قناة العربية الفضائية و بثت لقاء معها ، وفى حادث آخر عندما قذف الصحفى العراقى منتظر الزيدى الرئيس الأمريكى جورج بوش بحذائه عام 2008م صرح مدرس مصرى يعمل صحفياً بإحدى الصحف المغمورة بأنه قد عمل فى العراق فترة وتزوج من امرأة عراقية وأنه يعرف منتظر الزيدى منذ زمن بعيد وأنه قد اتصل بشقيق منتظر عقب الحادث مباشرة ليبلغه أنه سيهدى لمنتظر ابنته للزواج كهدية دون مهر وفور هذا التصريح هرعت وسائل الإعلام إلى أسرة هذا الرجل ونشرت عدة تحقيقات صحفية مصورة بمساحات واسعة فى معظم الصحف العربية، وفى نفس العام نشر طالب بكلية الصيدلة كتاباً عن الاستذكار والتفوق الدراسى بعنوان " ثلاثون قانوناً للمذاكرة الفعالة " وذكر فى الكتاب ضمن هذه القوانين أن الطالب إذا عطر كتابه بعطر معين حين يذاكر فيمكنه بعد ذلك تذكر ما بهذا الكتاب عند شم هذه الرائحة ، وفور حدوث ذلك نشر خبر بصحيفة الأهرام المصرية بعنوان " طالب مصرى يكتشف طريقة للمذاكرة بحاسة الشم " وفور نشر الخبر هرعت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية لهذا الطالب واحتلت التحقيقات الصحفية المصورة التى أجريت معه مساحات واسعة فى معظم الصحف العربية وبثت معه لقاءات تلفازية فى قنوات عدة .
الاهتمام بالناس الذين لا قيمة لهم يجعلهم ينخدعون ويزعمون بأن لهم قيمة وشأناً عظيماً ومن ثم يتدخل إحساسهم بالنقص ليجعلهم متكبرين أو بمعنى أصح مخدوعين ومغرورين فى أنفسهم ويكون السبب فى ذلك اهتمام الناس بهم غير المستحق وهناك مثل شعبى مصرى يقول : " يا فرعون إيه فرعنك ؟ فيرد : ملقتش حد يلمنى " ، والواجب ألا نعطى شخصاً  أكثر من قدره وقد نهانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن المدح فى الوجه وأمرنا بالتكبر على المتكبرين .
أجد بعض المكتبات خارج سور الجامعة يقوم أصحابها باختصار لا تلخيص الكتب الجامعية وبيع هذه المختصرات التى لا تشكل أية قيمة لقليلى العقل من الطلاب وكان طبيعياً فى ظل تمتع شعبنا بالقابلية للاستهواء ورغبة حمقى الطلاب فى التعلم غير المفيد أو بمعنى آخر تخطى الامتحانات دون تعلم أن تحقق هذه المكتبات مكاسب باهظة من عملها الخاطىء حتى أصبح صاحب إحدى هذه المكتبات يكلم الطلاب بكل ازدراء وكأنهم يتسولون منه وحمقهم هو الذى أشعره بذلك وينطبق على هذا الموقف المثل القائل : " رزق الهبل على المجانين " .
حينما كنت أدرس بالمرحلة الإعدادية كان أحد المدرسين يقول لنا : " من لن يأخذ عندى درساً خصوصياً سأحرمه من درجات أعمال السنة فذهب كل الطلاب إلى إرضائه بكل الوسائل أما أنا فلم أعطه أى اهتمام حتى أنه قال لى ذات مرة : " سأعطيك درجة منخفضة هذا الشهر " فقلت له : " افعل ما شئت فأنت أدرى " ؛ لأنى كنت أعلم آنذاك أن درجات أعمال السنة فى الفصل الدراسى كله ست درجات وقانونيا لا يستطيع المدرس أن يعطى طالبا أقل من أربع درجات ، إذا فالمعرفة والعلم الصحيح من المصادر الصحيحة الموثوقة يحميانك من تضليل أهواء الناس ويجعلك تسمو فوقهم بعلمك .
الحق هو أن يوضع الشىء فى موضعه ولكل شىء قدره ، وما يزيد عن حده ينقلب لضده .

مساوىء التعليم الجامعى فى بلادنا
عندما كنت أدرس بالصف الثانى الثانوى عام 2006م نشرت مقالاً عن مساوىء التعليم فى مدارسنا المصرية فى عمود كامل بصحيفة الأهرام التعليمى ، أما الآن فقد دخلت الجامعة وقضيت عامين أسودين بكلية الطب البيطرى ولم أوفق فيهما وتركتها والتحقت بكلية الحقوق وهأنذا أكتب ما لمسته من مساوىء تعليمنا الجامعى.
لقد ذكرت فى كتابات سابقة أن السبب الرئيسى فى تخلفنا وفى كل مشاكل بلادنا هو جهل وغباء معظم شعبنا الذى يسلط شره على نفسه دون أن يدرى مما أدى إلى فقر معظم شعبنا فأصبحت المشكلة فقرا وغباء وجهلاً والفقر سبب جعل التعليم مجانياً مما أدى إلى فساده وذلك لأن مجانية التعليم جعلت أجور المدرسين ضئيلة والإمكانيات ضئيلة وجعلت الطلاب يفسدون كل شىء فى المدارس ؛ لأنهم لم يدفعوا فيه شيئاً ( وهذا راجع لمشكلة غباء معظم شعبنا الذى يسلط شره على نفسه السابق ذكرها ) .
ولنتحدث عما فعله الغباء والجهل والفقر فى معظم شعبنا ؛ فنظرا لفقر معظم شعبنا لا يستطيع معظم أفراده إلحاق أبنائه بالجامعات الأجنبية أو الجامعات الخاصة مما سبب جعل التعليم الجامعى مجانياً وأدى إلى فساده أيضاً مثل التعليم الأساسى .
أما الغباء فقد جعل كل أب يتمنى أن يصبح ابنه طبيباً أو مهندساً ولا سيما طبيباً ؛ فشعبنا ينظر إلى الطب على أنه رمز للتفوق والمال والاحترام والمكانة المرموقة وهذا يؤدى إلى تدافع الناس كلها على مكان واحد وهذا يتعارض مع فطرتنا التى خلقنا الله عليها لنعمر الأرض ؛ فقد يسر كلا منا لما خلق له ، وقد وصل الغباء والجهل بالناس إلى درجة أن الناس فى مدينتنا بصعيد مصر كانوا لا يعرفون شيئاً نهائياً عن مجالات كثيرة كالسينما والإعلام وإنما يعرفون فقط الطب ويؤمنون به كل الإيمان ولا يشهدون بالتفوق إلا لطالب كلية الطب ، وقد أدت هذه الفكرة الخاطئة إلى رغبة كل الطلاب فى الالتحاق بكلية الطب ليس حبا فى مجال الطب ولكن فى المال والمكانة المرموقة وأدى تدافع الطلاب على هذه الكلية بطريقة التعليم الجامعى المجانى إلى خروج مكتب تنسيق القبول الجامعات عن طوعه وهو معذور فهو لم يجد حلا غير أن يصبح عدد المقبولين بكليات الطب هو عدد أعلى المجاميع الكلية فى الثانوية العامة الذى يماثل عدد الأماكن الخالية بكليات الطب ما أدى إلى تحويل الثانوية العامة من غاية غرضها التعليم إلى وسيلة سيئة جدا للالتحاق بكليات الجامعة وأصبح الناس يعتبرونها مسألة حياة أو موت أو تحديد مصير كما يقولون فكانوا يوهمونى بأنى إذا لم يحالفى التوفيق ولم ألتحق بكلية الطب فلن أجد عملا فى أى مجال آخر وأدى ذلك إلى بدء الطلاب فى الدروس الخصوصية مذ بدء الأجازة الصيفية بالتعاقد مع عدد كبير من المدرسين لا بغرض التعليم  إطلاقا وإنما بغرض إحراز الدرجات بأى وسيلة ممكنة أو غير ممكنة أو حتى غير مشروعة لحجز مكان فى كليات القمة وقد خضت تلك التجربة وعرفتها وعرفت أنها خاسرة و فاشلة كل الفشل لا محالة لأنك مهما فعلت ومها اجتهدت ومها حصلت على مجموع كبير فلن تدخل الكلية التى تريدها وإنما التى يعطيها لك مكتب التنسيق فمثلا من يريد الالتحاق بكلية الطب البشرى مثلا مهما أحرز مجموعا كبيرا فإنه سيخضع لمكتب التنسيق وقد يحالفه الحظ أو لا يحالفه ويودى به إلى كلية الصيدلة أو الطب البيطرى أو طب الأسنان أو العلاج الطبيعى حسب حظه وهذا فضلا عما يحدث من أخطاء فى أسئلة امتحانات الثانوية العامة التى غالبا ما تجعل الحظ هو الفيصل ولكن أساس فشل التجربة هو التحاقك بكلية لا تريدها وأنك مهما فعلت فستدخل الكلية التى على هوى مكتب التنسيق لاعلى هواك.
وعن تجربتى الخاصة فقد كنت أتمنى الالتحاق بكلية الطب والتحقت بالقسم العلمى بالثانوية العامة وكنت كمن يدخل حربا ضروسا -لا بديل عن الانتصار فيها -يعد لها كل الإعداد وكان عزمى على أن أحرز مجموع الـ 100% لا يفوق عزمى على أى شئ آخر فى حياتى وكانت المفاجأة أنى فى المرحلة الأولى من الثانوية العامة نسيت أن أجيب عن سؤال فى مادة الكيمياء قدرة خمس درجات وحصلت على 45 درجة من خمسين درجة فى الكيمياء وكان مجموعى الكلى فى المرحلتين 97% وأودى بى إلى كلية الطب البيطرى وطبعا كان معظم شعبنا بما فيه من الغباء والجهل يكره تلك الكلية ولا يحترمها ويعتبرها بلاء لكنى كنت سعيدا جدا بأن مكتب التنسيق لم يخذلنى وأعطانى كلية طبية وحمدت الله ودخلت الكلية فوجدت أنى الطالب الوحيد بها السعيد بدخوله هذه الكلية وخلال تجربتى بالكلية لمست مساوئ التعليم العالى لدينا وعرفت جيدا لماذا لا تنجب مصر علماء فى العلوم الطبيعية بينما تنجب عظماء فى العلوم الإجتماعية وذلك لأن من أراد تعلم العلوم الإجتماعية فالكتب موجودة أمامه وبإمكانه تحقيق ما يريد دون الاستعانة بأحد أما من يريد تعلم العلوم الطبيعية فى جامعاتنا فإنه يضرب بالأحذية على رأسه من قبل الأساتذة الذين ضربوا قبل ذلك من قبل أساتذتهم وعموما سأشرح تجربتى وأستنبط مع كل حادث فيها عيبا فى تعليمنا الجامعى .
كانت الكيمياء أول مادة درسناها فى أول يوم لنا بالكلية وفى المعمل كان معيد كلية العلوم يسبنا ويعيرنا بأننا طلاب الطب البيطرى وبأننا نتعامل مع الحيوانات- وأقسم بالله أنى لو كنت مسئولا آنذاك لفصلته فصلا نهائيا فى تلك اللحظة- وجعل المعيد يسرد طلاسم وتجارب ولم نفهم منها شيئا وأمرنا بكتابتها وانتهى الدرس العملى وقد أمرنا المعيد بحفظ هذه التجارب وكانت أشبه بالطلاسم وحفظها يعد حفظ فهرس أى شئ لا يحفظ مما جعلنا نتعقد ونظن الكيمياء أصعب مادة ثم أخبرنا طلاب الفرقة الثانية بأن التجارب تكون مجمعة فى جدول موجود بالكافيتريا وعلينا شراؤه من هناك لأنه لا يسمح بدخول الامتحان دون حمل هذا الجدول وهو ليس للحفظ ولكن للامتحان وهنا يظهر أول خطأ وهو عدم وجود كتاب عملى مقنن صادر من الكلية به شرح مفصل لا يترك صغيرة ولا كبيرة تدع الفرصة لمعيد أن يكذب علينا أو يضلنا أو يتهاون فى شرح شىء لكن الكتاب العملى الصادر من الكلية كان أشبه بالدفتر الفارغ الذى يجب ملؤه بكلام المعيدين ومثلا فى مادة الهستولوجى كان المعيد يرسم الرسوم على السبورة بصورة خاطئة وبالتالى ينقلها الطلاب بصورة أكثر خطأ وهذا لعدم وجود تقنين للكتاب العملى وطبعا كان هذا العيب هو أجل العيوب فى كل المواد الدراسية وفى مادة التشريح مثلا تجد ألاطلس المجسم المطبوع يباع فى المكتبات ولا يصدر عن الكلية ولا أحد يرشدك إلى شرائه أما عن الكتب النظرية فتجد الكتاب مكتوبا عليه إعداد قسم الهستولوجى مثلا وهذا معناه أن الكتاب مكتوب من عشرات السنين دون تطوير وسيدرس كل موضوع فى الكتاب أستاذ معين وهذا معناه أن كل موضوع فى الكتاب ليس مكتوبا عل هوى الأستاذ الذى سيشرحه فتجد كل أستاذ عندما يدرس الجزء المطلوب منه يشرح أشياء غير موجودة فى الكتاب تماما ويكون الطلاب مطالبين بكتابة كل كلمة يشرحها وراءه وهذا يستحيل عمليا وكفانا كلام شعارات وكفانا خداع أنفسنا لأن هناك أشياء لا يمكن كتابتها وراء الأستاذ بصورة صحيحة مثل المعادلات والرموز الكيميائية والمصطلحات الهجائية وهذه المشكلة تتمثل فى عدم وجود كتاب مقنن للمنهج وهذا يعد جل المساوىء وأساس الفساد ؛ لأن الكتاب هو أساس العلم ؛ ومصدره الموثوق ، فكيف نعلم أبناءنا بلا كتب ، وترتيبا على ذلك تجد أن الأستاذ الذى يضع الامتحان  غير الأساتذة الذين درسوا و من يضع الامتحان التحريرى غير الممتحن شفهيا ، وهذا الاختلاف وعدم التقنين وسوء التنظيم يؤدى إلى جعل الممتحن تحريرياً يأتى بأسئلة عن أشياء لم تدرس أصلاً وهو معذور لأنه لم يدر ماذا درس ولا يوجد كتاب مقنن يوضح ما درس، وكذلك يفعل الممتحن شفهياً أيضاً .
وطبيعى أن تجد شرحاً سطحياً أو عدم شرح ومحاولات تعقيدية آتية من الأساتذة والمعيدين ؛ لأنهم قد عانوا هذه المساوىء  وهم طلاب وضربوا بالأحذية على رءوسهم من قبل الأساتذة لذا فهم يروون غليلهم برد الإساءة على حساب الطلاب بالأخذ بقول الشاعر : " إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر " .
وتأتى امتحانات أعمال السنة فى توقيت سيىء جداً فمثلاً تكون امتحانات نصف العام فى منتصف شهر يناير والمناهج الدراسية لا تنتهى إلا بانتهاء شهر ديسمبر وتكون امتحانات أعمال السنة فى النصف الثانى من شهر ديسمبر والامتحانات العملية تمتد من أواخر شهر ديسمبر وتنتهى قبل الامتحانات النظرية بأسبوع على الأكثر ، وفى هذه الحالة فإن الطالب خلال شهر ديسمبر يحتار هل يذاكر ما درسه اليوم من مناهج أم يذاكر المادة التى سيمتحن فيها امتحان أعمال السنة غداً أم يراجع المادة النظرية استعداداً لامتحانات نصف العام أم يراجع المادة العملية استعداد للامتحانات العملية بعد أسبوع وجدير بالذكر أن نمط أسئلة امتحانات نصف العام يختلف كلياً عن نمط أسئلة امتحانات أعمال السنة فلا يصح أن يظن أحد أن الطالب عندما يذاكر استعداداً لامتحان أعمال السنة سيفيده استذكاره لامتحان نصف العام وهذا لأن وضع أسئلة امتحان نصف العام يختلف كلياً عن وضع وطريقة أسئلة امتحان أعمال السنة أى أن المذاكرة استعداداً لهذا الامتحان تكون بطريقة وبكيفية مختلفة كلياً عن طريقة المذاكرة لذلك الامتحان .
وفى الامتحان العملى كان لابد أن نتجمع فى الساعة العاشرة صباحاً ويتم حبسنا داخل المعامل ويكون الدخول للامتحان بالترتيب الأبجدى ونظراً لأن اسمى " محمود " يبدأ بحرف الميم ذى الترتيب الأبجدى المتأخر فكنت أدخل الامتحان فى الساعة السادسة مساءً بعدما أظل محبوساً داخل المعمل ثمانى ساعات كاملة ، أما الامتحان الشفهى فكان موعده فى الساعة الثانية عشرة ظهراً وكان علينا أن نقف أمام مكتب الأستاذ الممتحن – حيث لا يوجد مكان للجلوس- أوقات طويلة لأنه كان يتأخر عن موعده وإلى أن يأتى دورى فى الترتيب الأبجدى .
أما عن الأنشطة التى كانت موجودة بالكلية فطبيعى ألا توجد أنشطة عملية إطلاقاً وإنما كانت هناك الجمعية العلمية لطلاب الطب البيطرى وكانت إعلاناتها تنص على أن أنشطتها هى التدريب العملى على أعمال الطب البيطرى والرحلات العلمية وكان اشتراكها قيمته خمسون جنيهاً لمدة عام وكان من يشترك يحصل على بطاقة عضوية ودورة تدريبية عن كتابة السيرة الذاتية ومهارات العرض فقط ولا ينفذ أى شىء مما نص عليه الإعلان وتقيم الجمعية رحلة علمية لبولندا قيمتها ستة الآف جنيه مصرى وهو مبلغ لا يملكه أى طالب بالكلية لأنه لو كان هناك طالب يملك هذا المبلغ لما التحق بكليتنا والتحق بأى جامعة خاصة ، وعن النشاط الثقافى فكان الطلاب يجمعون مقالات تافهة جداً من الشبكة العالمية- الإنترنت- ويطبعونها فى مجلات بالكلية ولا أحد يستفيد شيئاً من هؤلاء الطلاب الذين كتبوا هذه المجلات ، ولكن الحق أحق أن يتبع فإنى لا ألوم الكلية على فساد الأنشطة بها لأن كل شىء له وقته ومكانه والتخصص أهم شىء ولا أحد يتعلم السباحة بالمدرسة رغم وجود نشاط رياضى بها ؛ لأن التخصص أساس النجاح والقوة .
المساوىء التى ذكرتها لا يشعر بها أحد سوى من جربها لا من قرأها أو سمعها لأن يده فى الماء وشتان بين طعم الثلج وطعم النار ؛ فإن هذه الأسباب تشكل فساداً لا يوصف ويجعل هذا الفساد والفوضى نجاح الطلاب أمراً إن لم يكن مستحيلاً فسيكون مبنياً على الحظ والحظ أنذل ما فى الوجود فإن نصرك اليوم لن ينصرك غداً وإن نصرك اليوم وغداً لن ينصرك بعد غد لذا تجد من ينجح بالحظ فى العام الأول يرسب فى العام الثانى ومن ينجح فى العامين الأول والثانى يرسب فى العام الثالث وهكذا وقليل جداً من يرحمه الله ويكرمه بحسن الحظ وينجح فى الأعوام الخمسة ويخرج وهو لم يتعلم شيئاً مفيداً وإنما حصل على شهادة مظهرية فقط ، وبعد كل هذا هل ما زلت عزيزى القارىء تتساءل لماذا لا تنتج بلادنا علماء ؟! .
بعدما شربت الكأس المرة فى تلك الكلية كنت أتساءل هل هذا جزائى على اجتهادى وتفوقى الدراسى طوال عمرى وحصولى على مجموع كبير فى الثانوية العامة ، وقد كنت طوال عمرى طيباً ولم أؤذ أحداً ؟! هل يجور على الزمن لهذا الحد وأتجرع كأس الرسوب المرة وأتعرض للقهر فى منزلى والكل يصفنى بالفشل والرسوب ويجعل الحظ السيىء شخصاً لا يساوى مليماً يسخر منى ويصفنى بالفشل بعدما كنت طوال عمرى رمزاً للتفوق والاجتهاد وكنت كالعلم الذى يحييه طلاب ومدرسو المدرسة كل صباح ؟ !
من أسوأ الأشياء فى الدنيا أن تجد جزاء إحسانك عقابا.
إن من كانت ينجح بتلك الكلية كان يتسم بالصبر لأبعد حد فكان يصبر على مساوىء الكلية صبراً جميلاً ويحاول أن يعمل قدر استطاعته ويصبر ويتحمل فشله وإخفاقه المتكرر الذى يشعره بأنه يتعب ويعمل دون جدوى ؛ إلا إن هذا الطالب فى النهاية لو نجح فسيكون قد نجح بالحظ أيضاً ؛ لأن مساوىء الكلية السابق ذكرها لا تعطى أحداً فرصة للاجتهاد والنجاح بالحظ يجعل حالتك النفسية سيئة لأنك تقضى كل عام وأنت على كف جنى لا تعلم هل تسير فى الاتجاه الصحيح أم لا وتشعر بأنك قليل الحيلة لا تستطيع فعل شىء ، ولكن الغالبية العظمى من طلاب الكلية يتعرضون للرسوب المتكرر وبالتالى يتعرضون للقهر فى منازلهم ولا مجال لأن يصدقك أهلك عندما تشرح لهم هذه المساوئ -مثلما أنا واثق كل الثقة فى أنك عزيزى القارئ عندما تقرأ مقالى هذا لن تصدقه وإنك لمعذور لأنه كلام لا يصدق ولا يشعر به إلا من جربه ولسع بناره - وإذا أردت ترك الكلية والتحويل لكلية أخرى فلن يوافق أهلك لأنهم ينظرون للكلية على أنها كلية طبية لها مجالات عمل لا حصر لها وسيذكرون لك أن لك زملاء قد نجحوا فى تلك الكلية وآخرين تفوقوا وإذا حاولت أن تفهمهم مساوىء الكلية لن يقتنعوا مطلقاً، وسيذكرون لك أيضاًَ أن الآلاف من طلاب القسم العلمى الذين لم يحالفهم الحظ بالالتحاق بكلية طبية يتمنون الالتحاق بكليتك ، وأنك لو تركت مجال الطب لن تجد عملاً فى مكان آخر  ويشعرونك بأن الطب هو المجال الوحيد الذى يضم فرص عمل وسيطلبون منك البقاء فى الكلية لكى تصبح طبيباً حتى ولو رسبت فيها عشر سنوات وهذا طبعاً يتعارض مع نظرية أنك لابد أن تكون قوياً فى مجالك وإلا فستعذب حتى موتك ، ويتعارض أيضاً مع نظرية أن طرق الخير أكثر من أن تحصيها فكيف يقولون لك أن الطب هو المجال الوحيد الذى به فرص عمل .
لذا يكون من التحق بتلك الكلية قد حكم عليه بالتعذيب وحرق الأعصاب وغليان الدماء وتدمير حالته النفسية مدى الحياة لا محالة ؛ فإنه لا يستطيع الاجتهاد ولا الصمود ولا التحويل لكلية أخرى .
بعد كل ما ذكرته كان طبيعياً أن أرسب فى العام التالى لى بالكلية وأتركها بعدما كانت تمثل فى نظرى شخصاً يمسك سوطا ويضربنى به طيلة عامين .
طبيعى أن تظن عزيزى القارىء أن كلامى هذا ناتج عن فشلى بالكلية وأن تردد القول القائل " عندما ينهار البناء تنتشر الجرذان" ، لكنى أقسم لك أن هذه هى الحقيقة وأن أوائل الكلية يعترفون بهذه المساوىء واسمع ما يقوله عظماء علمائنا المصريين عن تعليمنا العالى :-
-المهندس المصرى حاتم سعيد صاحب مشروع " ابنى بيتك " الذى أشاد به الوزير يقول        " رسبت سنتين بكلية الهندسة ولو تركت نفسى للكلية لأصبحت فاشلاً " .  
-ويقول "أ.د.عصام حجى" العالم المصرى الذى يعمل بوكالة الفضاء الأمريكية " ناسا " وكان قد حصل على ثلاث إنذارات بالفصل من جامعة القاهرة مسبقاً : الوضع فى الجامعات المصرية يشبه أعمى يقود سيارة دون فرامل وأمامه حائط وتكون النتيجة قتل البحث العلمى ونزيف العقول المصرية .
وجدير بالذكر أنه لا توجد حتى الآن كلية واحدة مصرية معتمدة عالمياً .
من الآباء العقلاء الذين يملكون المال من يجعل ابنه يمر بمرحلة الثانوية العامة كمرحلة عادية جداً بالخروج من سباق الثانوية العامة بكل ما يحويه من خسائر ويجعل ابنه يلتحق بإحدى الجامعات الأجنبية أو الخاصة فى التخصص الذى يريده.
بعد ما ذكرته عن ذلك المكان السيئ أرى أن الإنسان إذا رأى مكانا سيئا كذلك لا يستطيع فعل شىء إيجابى فيه ويبقى مشلولا فعليه أن يرحل منه دون جدال وقد يحتج البعض بأن الله سبحانه سيجازيهم على صبرهم على الفساد فى ذلك المكان ولكنى أرد عليهم بأنهم لم يستطيعوا فعل شىء إيجابى -كالاستذكار مثلا – يحتجون به أمام الله  ويبقون مشلولين وتحت رحمة الحظ والحظ أنذل ما فى الوجود فلا أمان له فإن نصرك اليوم لن ينصرك غدا وإن نصرك اليوم وغدا فلن تأمن مكره بعد ذلك   وأدلل على ذلك بدليل عملى ؛ فقد كان لى زميل بتلك الكلية رسب فى العام الأول وأعاده ثم صعد للعام الثانى ورسب فيه وكان قد عرف مساوئ المكان جيدا ونصحته بتركه لكنه أصر على البقاء  وأعاد العام الثانى  ورسب ثانية وحينها فصل من الكلية بعد ضياع أربع سنوات من عمره كما أنه فى هذا العام 2010م الذى فصل فيه ألغى نظام الانتساب بالكليات الحكومية المصرية وبالتالى لا يحق له الانتساب لإحدى الكليات كما لا يحق له الالتحاق  بالجامعة المفتوحة إلا بعد مرور خمسة أعوام من حصوله على الثانوية العامة لأنه قد حصل عليها أيام اللائحة القديمة عام 2006م وبذلك يكون استمراره بعناد فى ذلك المكان قد أضاع خمسة أعوام كاملة من عمره هباء.
كما أدلل على ذلك بدليل من التاريخ ؛ فحين كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يعمل قاضيا وبنى الوزير معين الدين غرفة فوق أحد المساجد ليجلس فيها مع أصدقائه اشتكى الشيخ ذلك الأمر للسلطان فلم يرد عليه فاستقال الشيخ من القضاء وقال :"إنى لا أتولى القضاء لسلطان لا يعدل فى القضية ولا يحكم بالسوية .

اكتشاف متأخر جداً
بعدما التحقت بكلية الحقوق ودرست الفصل الدراسى الأول بها اكتشفت اكتشافاً كان على أن اكتشفه منذ زمن بعيد ألا وهو أن أقوى ميولى هو ميلى للقانون وقد كنت طوال عمرى معتقداً أن أقوى ميولى هو ميلى الإعلام واللغة العربية لكنى اكتشفت أن حبى للإعلام لا يشكل جزءاً من المائة أمام حبى للقانون .
-وأتذكر فى أثناء دراستى بالصف الثالث الثانوى حين كنت عائدا من امتحان الأحياء أنا و زميلى " كريم " و قابلت صاحب إحدى المكتبات القريبة من منزلنا فوجدته يقول لى : " لقد تسرب الامتحان فجر اليوم و كان معى نسخة منه  و قد ظللت أتصل بك لتأتى و تأخذه منى لكن هاتفك كان مغلقا" و هممت بالرد عليه لكن "كريم " لم يعطنى فرصة فقد صرخ فيه قائلا : " احمد ربنا أن هاتف محمود كان مغلقا لأنه لو علم بذلك لأبلغ عنك الشرطة فى تلك اللحظة و سلم الامتحان المسرب للشرطة دون أن ينظر إليه ".
ثقتى بالله سبحانه تؤكد لى أنه لن يبخل بأى شىء على عبده إذا كان مستحقاً له ولكنه يعطيه إياه فى الوقت المناسب ، والتحاقى بكلية الحقوق كان بمثابة وضع الشخص المناسب فى المكان المناسب وفى الوقت المناسب أيضاً ولم يك من الممكن أن يحدث بغير هذه الكيفية فلو كان الله سبحانه قد سبب لى مجموعاً ضئيلاً فى الثانوية العامة ألحقنى بكلية الحقوق لبقيت حزيناً طوال عمرى على أنى فشلت فى تحقيق هدفى وهو أن أصبح طبيباً ، ولو سبب لى مجموعاً كبيراً ألحقنى بكلية طبية غير كلية الطب البيطرى –التى لا تعد كلية وإنما تجميعاً للأنظمة السيئة فى العالم – لاستمررت فيها وما التحقت بكلية الحقوق ولكنه سبحانه بحكمته جعلنى أقضى عامين فى أسوأ الأماكن حتى أإكسب خبرة كافية تضبط شخصيتى وأعرف فى تلك الفترة حقيقة الكليات العملية فى بلادنا لأدخل كلية الحقوق عن اقتناع تام .
وأحمد الله كل الحمد على أنى وضعت فى مكانى الأمثل وفى مجالى الصحيح وإذا وضع الموهوب فى مجال موهبته واجتهد فيه فلن تكون حدود لتفوقه وسيكون تفوقه خارقاً للطبيعة .
وأذكر حينما كنت طالب بالصف الأول الثانوى كنت أصحح أخطاء أحد معلمى اللغة العربية ولم يك يقتنع بآرائى فوقف أحد زملائى وقال له : " لا تحاول أن تعارض محموداً فى قواعد اللغة العربية لأن أحداً قبلك لم يستطيع التفوق عليه فيها ، فقد أعطاه الله سبحانه قدرات واسعة فى اللغة العربية وبحبه لها واجتهاده فيها جعلنا نلقبه بأمير اللغة العربية ولم يستطيع أحد أن يضارعه فى تفوقه فيها ولم يجسر أحد الأساتذة على معارضته فى أمر من أمورها إلا وكان خاسراً للمناقشة وكان محمود هو الفائز بأدلته القاطعة وفهمه كل صغيرة وكبيرة بدقة وإمعاناً .
وأتذكر المثل الشعبى المصرى القائل " ادى العيش لخبازه ولو أكل نصه " .
كنت أؤمن بأن علم القانون وسائر العلوم الاجتماعية لا تشكل شيئاً من الأهمية إذا قوبلت بالعلوم الطبيعية كالطب مثلاً لكنى الآن أيقنت أن علم القانون أهم علوم الدنيا لأنه الذى يجعل الحياة تستقيم وينظم سير العلوم الأخرى ودونه لن تكون هناك علوم أخرى .
لقد عشت طوال عمرى متمنياً أن أصبح طبيباً ولو لم يوفقنى الحظ ولم ألتحق بإحدى كليات الطب كان من الممكن أن أصاب بالاكتئاب ورغم ذلك فلو حدث لكان خيراً لى ولما عذبت عامين فى كلية الطب البيطرى ، وقد تعلمت من ذلك أن الله يعلم الخير ويقدره لعباده لذا عليهم أن يرضوا بقضائه باقتناع تام وتطبيقاً لهذا الدرس الغالى الذى تعلمته ؛ فإننى الآن لا أفعل مثلما يفعل معظم طلاب كلية الحقوق بأن يوجهوا كل طموحهم نحو الالتحاق بسلك القضاء ويصابون بالاكتئاب عندما لا يوفقون فى ذلك وإنما سأجتهد وأبذل كل ما فى وسعى ثم أدعو الله قائلا :اللهم إن كان هذا الأمر خيرا لى فقدره لى .       
                                                      محمود عبد القادر              
أسيوط فى 10 يناير 2010       

مهارة الإعلامى فى إفادة الناس
 فى البرامج التلفازية الحوارية Talk Show تظهر مهارة المذيع فهناك مذيع موهوب ( كمحمود سعد وتامر أمين ومعتز الدمرداش وريهام السهلى وآخرين ) لا يسأل المحاور الأسئلة المكتوبة من قبل المعد فقط بل يسأل أسئلة فرعية عقب كل رد ليستوضح الحقيقة والمعلومة التى تفيد الناس بعكس مذيعين يسألون أسئلة جيدة معدة إعداداًَ جيداً من قبل فريق الإعداد لكن المحاوَر قد يجيب إجابة مختصرة أو يتهرب فيها من إبراز المعلومة أو الحقيقة ولا يناقشه المذيع وإنما ينتقل للسؤال الذى يعقبه مباشرة فمثلاً عندما يسأل المحاور عن كيفية تلقى الشكاوى عن أمر ما فيجيب بالاتصال على هاتف الوزارة فينتقل المذيع مباشرة للسؤال التالى دون أن يطلب منه ذكر رقم هاتف الوزارة .
مرة قرأت خبراً بإحدى الصحف عنوانه " إطلاق أول محرك بحث عربى للجوال " وحين قرأت الخبر نفسه بعدة صحف لم أجد به عنوان محرك البحث المذكور وعندما تسأل الصحفيين لمَ لم يكتبوه يجيبونك بمنع الدعاية للشركة المالكة لمحرك البحث وإجابتهم مرفوضة لأنه لو كانت هناك دعاية مقصودة فقد أديت فعلاً بذكر اسم الشركة واسم محرك البحث فى الخبر ! .
واقعية الإعلام
 من أهم عوامل نجاح الإعلامى صدقه وواقعيته وعملية كلامه وقابليته للتطبيق وألا يكون كلامه مجرد كلام على ورق غير قابل للتطبيق حتى يكسب ثقة الناس .
أكن كل تقدير واحترام وعرفان بالجميل للخبير الاقتصادى د. سعيد توفيق فقد استفدت أنا والكثيرون من برنامجه " فكرة " الذى كان يذاع العام الماضى على قناة الرحمة لكنه بصراحة تحدث عن أشياء كثيرة غير واقعية أو نادراً جداً ما تحقق نجاحاً ؛ لذا فهى مرفوضة عملاً بالقاعدتين الفقهيتين " العبرة بالغالب الشائع لا النادر " و" النادر ملحق بالعدم " فمثلاً أوضح فى إحدى حلقاته من ضمن الأفكار الاقتصادية أنه بإمكان الشخص شراء إردب من الأرز ووزن كل كيلو على حدة وتغليفه ثم بيعه لمحلات البقالة وهذا غير واقعى ونسبة نجاحه ضئيلة جداً إن لم تكن منعدمة لأن الناس اعتادوا شراء الأرز المعبأ بواسطة الشركات لا الأفراد حتى ولو كان الأخير أرخص وإلا لكانوا اشتروا الأرز ( السايب ) من البقال أيضاً .
وذكر أيضاً من المشاريع الاستثمارية أن يؤلف شخص كتاباً ويعرضه على دور النشر وهذا أيضاً غير واقعى فى زماننا فوجود دور النشر التى تنشر على نفقتها وتعطى للمؤلف نسبة من الربح أو تشترى منه حق النشر نادر جداً إن لم يك منعدماً فى عصر انتشار الكتاب الإلكترونى وتحميله من الإنترنت مجاناً الأمر الذى جعل دور النشر تعلن صراحة عدم المخاطرة بأموالها وخسرانها وأن من أراد نشر كتاب فلينشره على نفقته الخاصة ، وحتى لو كان كلام د. سعيد عن هذا الأمر صحيحاً وغير نادر النجاح فإن المال الذى يجنيه المؤلف من كتاب يكتبه ضئيل جداً لا يعتمد عليه كمصدر رزق .
سيتهمنى البعض بالتشاؤم لكنى أرد عليهم بأنى قد جربت ما أتحدث عنه فعلياً وقد علمتنى الحياة أن من يده بالماء ولم يجرب فليس له الحق أن يتحدث لأن كلامه سيكون أبعد ما يكون عن الصواب فإنه لا قيمة لأية معلومة نظرية بلا تطبيق وتجربة ؛ فقد أقنعتنى تجاربى بأنه لا يحق لى أن أتحدث عن شىء بثقة إلا بعد ما أجربه وأنه من يتحدث عن شىء لم يجربه فصعب جداً أن يكون كلامه صحيحاً لأن التجربة فوق كل علم نظرى وفوق كل ما رأيته أمام عينك لأن هناك أشياء لا تظهر ولا يمكن إدراكها ولا الإحساس بها إلا بالتجربة ويقول أفلاطون: "شاور فى أمرك من جمع بين العلم والعمل ولا تشاور من انفرد بالعلم فقط فيدلك منه على ما يتصوره الفهم ولا يخرج إلى الفعل".
العالمة الفاضلة د. شريفة أبو الفتوح أفادتنا كثيراً عبر برنامجها " غير حياتك " الذى كان يذاع العام الماضى على قناة دريم لكنها فى إحدى الحلقات حين شكت مشاهدة لها ضعف راتب زوجها وزيادة نفقات الأبناء فنصحتها د. شريفة بمنع الدروس الخصوصية عن الأولاد وأن تشرح لهم بنفسها الدروس وهذا أشبه بالمزاح السخيف ؛ فكيف تستطيع الأم شرح مواد دراسية غير متخصصة فيها ؟! .
كوك تعترف بأنك لا تملك حلاً لمشكلة تعرض عليك أو تطلب مهلة للتفكير خير ألف مرة من أن تتسرع وتجيب إجابة خاطئة .
المشكلة الحقيقية هى أن كثيراً من الناس قابلون للاستهواء ( سرعة التصديق ) ، وقد رأيت من الناس من فرح كل الفرح بمجرد قراءته عنوان أحد الموضوعات بمجلة ما " الربح من الإنترنت " ولم يقرا باقى الموضوع ليعرف أن الربح من الإنترنت يكون عن طريق الإعلانات.
لعن الله الوظائف الحكومية
رأيت كثيرا أشخاصا في منتهي السوء والفشل في كل مناحي الحياة ووجدت أن كلا منهم لديه مقدرة مالية تجعله يتزوج وينجب أبناء ويعيش بترف ولديه وفترة من  الوقت تجعله يضيعه في معصية الله وإيذاء الآخرين فكنت أتساءل  كيف يحصل إنسان فشل كهذا علي مال دون إنفاق جهد أو وقت فقد كنت أؤمن بأن المال لا يأتي إلا بالتعب والكد والكفاح والاجتهاد في العمل وكنت أؤمن كل الإيمان بالقول القائل "المال لا ينجم من الأرض ولا يهبط من السماء وإنما يكتسب اكتسابا " وبأن السماء لا تمطر ذهباً ولكن الوظائف الحكومية غيرت نظرتى فى هذا الاتجاه ؛ فعندما فكرت ودرست حالات هؤلاء الفاشلين وجدت أن كلا منهم قد رزق بحظ حسن في نظر الناس سيئ جدا في نظري لأن هذا الحظ هو الذي أفسده لهذه الدرجة -إياك أن تظن لحظة أن يكون هذا الشخص الفاشل سعيدا حتي ولو كان سعيدا فستكون سعادته زائفة-وهذا الحظ هو أن رزق كل من هؤلاء رزقا لا يستحقه كشخص رزق بوظيفة حكومية بعد تخرجه مباشرة ولعن الله الوظائف الحكومية التي تجعل الموظف يتقاضى راتبا ثابتا لا يتعلق بكفاءة في عمله فيعطيه ذلك الفرصة للتهاون في عمله والتزويغ منه فيكون لديه وقت كبير يضيعه في معصية الله و إيذاء الآخرين كزوجته وأبنائه وما أسوأ الفراغ لمن لا يجيد استغلاله .
تتجلى أسمى مطالب شعبنا فى توفير وظائف حكومية للشباب ولو تأملنا حال مصر حين كانت توظف كل من يتخرج من شبابها فى الوظائف الحكومية لوجدنا أن ذلك أدى إلى تشغيل أناس ليسوا كفئا للعمل كما أدى إلى زيادة عدد الموظفين عن حاجة العمل مما أدى إلى ضعف رواتبهم وقد أوضح ذلك الفريق أحمد شفيق عندما تولى رياسة وزراء مصر عام 2011وقد قال على باشا الوزير الأعظم للسلطان العثمانى عبد العزيز عام 1871م فى وصاياه:"إن غالبية الموظفين العاملين فى خدمتكم يتقاضون مرتبات هزيلة والنتيجة أن الرجال ذوى الكفاءة والمهارة يتجنبون العمل فى الخدمة العامة مما يجبر حكومتكم العلية على استخدام أنفار محدودى الكفاءة هدفهم الوحيد تحسين وضعهم المالى المتدهور هذا فى الوقت الذى يجب أن يتولى الخدمة المدنية فى الإمبراطورية رجال أكفاء مجتهدون أذكياء لديهم الهمة والرغبة فى العمل "، وفى نظرى الحل الأفضل لتوفير فرص عمل للشباب الأكفاء بأجور عالية  ولضمان حسن الإدارة للدولة هو إدارة مرافق الدولة بنظام الالتزام بعدما فشل نظام الإدارة المباشرة فى إدارة مرافق البلاد بسبب الروتين المعقد الذى لا تحتمله المنشآت التجارية لأن معاملات التجارة سريعة ومرنة لا تحتمل الروتين المعقد ، وبعدما فشل أيضا نظام الخصخصة وأهدر ممتلكات البلاد بتراب المال.
ونرى تطبيق نظام التعاقد مع الموظفين بعقود مؤقتة لا بقرارات تعيين مؤبدة لضمان جدية الموظف وعدم استخفافه وتهاونه بالعمل وهذا النظام مطبق فى كبرى الشركات العالمية كشركات الملاحة مثلا ولا يضر بمصلحة العامل ولا بمصلحة صاحب العمل .
*إضافة إلى تطبيق نظام الالتزام فى إدارة مرافق الدولة ومشروعاتها يجب تطبيق نظام تعلق نسبة من دخل الموظف بمدى ربح المشروع حتى يشعر الموظف بمسئولية خطيرة لا محدودة فى تحديد دخله بنفسه وعدم ثبوت دخله وقابليته للتطور والتغير للأحسن وبذلك يبذل قصارى جهده فى العمل بشرط ألا يطبق ذلك فى بعض مرافق الخدمات التى قد يكون ذلك ذريعة فيها لجعل الموظفين يفرضون رسوماً أكثر من المقررة لتحقيق ربح زائد للمرفق لتزويد دخلهم
في ميدان العمل الحر بعيدا عن الوظائف الحكومية لا يرزق سوي المجتهد الذي يعمل ليل نهار ولا مجال لرزق غير مستحق فمن لا ينافس عل المركز الأول في مجاله في العمل الحر لا يعمل ولا يرزق إطلاقا ويكون مصير ه الهوان والضياع و الإفلاس أما سوء نظام الوظائف الحكومية السابق ذكره فانه يجلب الرزق لمن لا يستحقه ويجعله يفسد نفسه ويفسد مجتمعه وسبب فشل نظام الوظائف الحكومية هو نظام الرأسمالية وهذا النظام يحتاج إلي إدارة ديكتاتورية ناجحة لإنجاحه وهذه الإدارة يصعب إيجادها تمام الصعوبة ويمكن حل مشاكل الوظائف الحكومية بتطبيق النظام الاشتراكي عليها الذي يتمثل في أن يرتبط راتب الموظف بمقدار نجاح العمل
إياك والاجتهاد الأعمى
    إياك والاجتهاد الأعمى ؛ فمثلا أحياناً يدرس الطالب معلومة خاطئة مقررة فى منهجه الدراسى وهم يعلم خطأها ويعلم الصواب ولكنه لو كتب فى الامتحان المعلومة الصحيحة فلن يحصل على أية درجة لأنه لم يكتب ما جاء بالمقرر فى منهجه لذا احفظ المعلومة الصحيحة لنفسك والمعلومة الخاطئة المطلوب حفظها احفظها من أجل الامتحان فقط وانسها بعده ، ولا تتمسك برأيك مع من لا يفهم كى لا تكون مجتهداً أعمى فأحياناً لا يصح الصحيح وإنما يصح ما يجلب المكسب الصحيح .
لا تنس هدفك الأساسى وتضيعه من أجل المناضلة فى تحقيق أهداف فرعية تضيع هدفك الأساسى وتنسيك إياه ؛ فمثلاً فى الجامعة فى بلادنا يكون أمر الطالب بيد الأستاذ الجامعى دون وجود أى رقابة على الأخير من أية جهة لذا فإن حدثت مشادة كلامية فقط بين الطالب وأستاذه الجامعى قد يلحق بالطالب ضرر شديد جداً قد يؤدى إلى فصله نهائياً لذا يجب على الطالب الحرص على عدم الاحتكاك بأستاذه الجامعى وعدم مخالفته فى أى شىء وحتى قبول الإهانة منه فعلى الطالب أن يبذل فى ذلك كل جهده حتى يحقق هدفه الأساسى وهو التخرج ، وقد صدق القول " إن النصر مع الصبر ساعة " ، وأذكر أن صديقة لى دخلت فى نقاش فى إحدى المحاضرات مع أستاذ جامعى وخالفته فى الرأى وحدثت مشادة كلامية بينهما فحولها لمجلس التأديب لأنه عد ذلك تطاولاً منها عليه وفصلت من كليتها ثم رفعت دعوة قضائية على الكلية وصحيح أن القضاء أنصفها وكسبت الدعوى القضائية لكن ذلك حدث بعد زمن بعيد بعد بقاء الدعوى فى أروقة المحاكم سنين وبذلك خسرت ثلاث سنوات من عمرها وأضاعت هدفها الأساسى مقابل التمسك بهدف فرعى نتيجة قصر نظرها وقلة خبرتها .
قد يتفق بعض القراء مع رأيى ويختلف البعض الآخر معى فى هذا الأمر لكنى سأقنعهم بالآتى:
 لابد أن يكون الإنسان بعيد النظر وألا ينسى هدفه الأساسى ويندمج فى السرحان فى تحقيق أهداف فرعية تلهيه عن هدفه الأساسى ولذلك أمثلة كثيرة فمثلاً لا تجعل ممارستك لهواياتك تلهيك عن دراستك وعملك الأساسى ، ومثلاً إن الله سبحانه وتعالى – أمرنا بالتركيز فى الصلاة لأنها هدف أساسى لكنه أباح لنا فعل أشياء أخرى فى أثناء الصلاة لكونها بسيطة لا تخرجنا عن تركيزنا فى الهدف الأساسى ( الصلاة ) فمثلاً أباح العمل اليسير كإصلاح الرداء وحك الجسد باليد والتنحنح عند الاضطرار لكنه – جل شأنه – جعل كثرة الحركة تبطل الصلاة لأنها تخرج من التركيز فى الهدف الأساسى (الصلاة)، وهذا دليل على أن الله – تعالى – نهانا عن الاجتهاد الأعمى وقدر ظروف كل حالة فمثلاً أجاز لنا النطق بكلمة الكفر عن الإكراه الملجىء ، وقال الرسول –صلى الله عليه وسلم – " أنتم أعلم بأمر دنياكم " (رواه مسلم) ولهذا الحديث الشريف أهمية كبيرة فى حياتنا المعاصرة لأنه دعوة  للبحث المستمر فى شئون الكون واستنباط ما هو نافع للبشرية وهذا دليل على أن العلم فى الإسلام غير محدد بحد معين أو وقت محدد فهو يفتح أمامنا مجال البحث والرأى والمشورة فى كل أمور الدنيا وهذا يؤدى إلى التقدم العلمى والانتفاع بالعلم .
ومن صور الخطأ السابق ذكره أيضا أنى رأيت طلاب كلية التجارة يعطون أغلب وقتهم لمذاكرة مادة المحاسبة وطلاب كلية الحقوق يعطون أغلب وقتهم لمذاكرة مادة علم المواريث على حساب المواد الأخرى التى لا يهتمون بها الاهتمام الكافى وفى النهاية  تجدها مادة دراسية عادية تتساوى درجاتها مع درجات باقى المواد فلو اهتم طالب بها اهتماما زائدا على حساب اهتمامه بالمواد الأخرى فسيكون قد خسر هدفه الأساسى ونسيه في سبيل تحقيق هدف فرعى.
وتجدر الإشارة هنا إلى وجوب تجنب المشاجرات والمناقشات مع عامة الناس والجهلاء ؛ حيث قال تعالى : " وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ " ( الأعراف 199 )  ، ويقول الشاعر : " والصمت عن جاهل أو أحمق شرف      وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح " ،.
علمتنى الحياة أن أنظر إلى الفوائد بنهاياتها فمثلاً من حصل على الشهرة ؛ فالشهرة لا تعد مكسباً فى ذاتها ما لم تؤد إلى مكسب حقيقى كالعمل المرموق مثلاً ، وقد  رأيت من الناس من يبذل مجهوداً كبيراً فى إقناع شخص بفكرة ما أو بحقه فى شىء وهذا الشخص لا يملك سلطة منحه الحق وإقناعه لن يقدم ولن يؤخر شيئاً
كما علمتنى الحياة أنى طالما لا أملك سلطة الإصلاح فعلى فقط أن أنادى به ولكنى إذا تشددت فى المناداة به فى وجود سلطة جاهلة لا تقدره فستكون النتيجة تعسف السلطة وإبعادى نهائياً عن المجال وبذلك أكون قد ضيعت كل شىء وخسرت فرصة الاستمرار فى المجال لنيل السلطة وحين أنالها سأكون قادراً على تحقيق ما كنت أريد المنادة به ؛ وأمثلة ذلك كثيرة فمثلاً تجد طالباً جامعياً يتشدد فى المناداة بحقوق الطلاب فيؤدى ذلك لفصله من الدراسة ولكنه إذا نادى دون تشدد وصبر حتى التخرج وأنهى دراسته فحينها سيكون قادراً على التشدد فى المطالبة بحقوق الطلاب وفضح الأساتذة الظالمين لأنه حينها لن يكون لدية شىء يخشى عليه فحينها لن يكون طالباً تحت رحمة الأساتذة الظالمين وإنما سيكون قد تخرج وأنهى دراسته ولن يستطيعوا إيذاءه.
وفضلاً عن أن تكون نتيجة التشدد فى الإصلاح دون وجود سلطة هى تعسف السلطة الجاهلة هناك نتائج أخرى سيئة أهمها نيل إيذاء جهال آخرين معارضين للإصلاح لأن من لا يملك سلطة لن يستطيع حماية نفسه من هؤلاء الجهال وتذكروا معى الفيلم المصرى " اغتيال مدرسة " بطولة الفنانة نبيلة عبيد والفنان هشام سليم فقد أوضح ذلك جيداً عندما حاولت نبيلة عبيد(المدرسة)التدخل بصورة شخصية لإصلاح خطأ هشام سليم(الطالب) الذى ارتكبه مع إحدى الفتيات دون أن تملك نبيلة عبيد(المدرسة) أى سلطة فى ذلك وكانت النتيجة أن آذى هشام سليم (الطالب) مدرسته (نبيلة عبيد) إيذاء شديدا أدى إلى يأسها وانتحارها .     
ويقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه"(رواه مسلم) للدلالة على قدر الاستطاعة.       
إياك أن تجادل الجهال فقد قال الشافعى:
 " الصمت عن جاهل أو أحمق شرف     وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح " وقال أيضاً :" ما جادلنى جاهل إلا غلبنى         وما جادلتى عالم إلا غلبته " .      
شكراً للعملات المعدنية
 كثير من شعبنا تذمر فى البداية من إطلاق حكومتنا للعملات المعدنية فئة الجنيه ونصفه وربعه بدلاً من الورقية ، وكان قصد حكومتنا فى هذا الأمر توفير المال لخزانة الدولة لأن عمر الجنيه المعدنى يعادل عشرة أضعاف عمر الجنيه الورقى تقريباً .
رغم استياء الناس من العملات المعدنية إلا أنها جلبت إليهم العديد من المنافع منها مثلاً:-
1-الجنيه الورقى كان يمزق بسهولة ويتلف بسرعة وكثيراً كنت تجد البائع يرفضه لقدمه أو تلفه أما الآن فلا يحدث هذا مع الجنيه المعدنى .
2-أيام الجنيه الورقى كانت ألسنة البائعين لا تتوقف عن ترديد كلمة " مفيش فكة " ليستغلوا تلك الكلمة فى النصب وغيره من الأفعال السيئة أما الآن أصبح هم كل البائعين وكل مواطن التخلص من الكم الكبير الذى يملكه من العملات المعدنية ولم يعد أحد يردد تلك الكلمة مطلقاً الأمر الذى جعلنى أتمنى وجود عملات معدنية فئة مائة جنيه ومائتين وخمسين وعشرين وعشرة وخمسة جنيهات كى تختفى كلمة " مفيش فكة " نهائياً من أرض مصر .
لماذا تثور شعوب هذه الدول بالتحديد
عقب تنحى مبارك عن رياسة مصر الأمر الذى عده الشعب انتصارا لما سموه بثورة 25يناير ثارت شعوب معظم الدول العربية ضد رؤسائها وحكوماتها وقد تعجبت وتساءلت لماذا تتثور شعوب هذه الدول ولم يثر شعوب اليابان وإنجلترا وأمريكا مثلا وكانت إجابتى الطبيعية أن الدول التى ثار شعوبها دول منتشر فيها الظلم والفساد أما الدول التى لم يثر شعوبها فهى دول منتشر فيها العدل والحق لذا لن يستطيع أحد إثارتها مثلما ينتشر فيروس مرضى فإنه يصيب الجسد ضعيف المناعة المستعد للإصابة لكنه لا يستطيع إصابة الجسد قوى المناعة .

رعونة الشباب المصرى فى تنظيف الشوارع
بعد حدوث ثورة 25يناير انتشرت بين الشباب المصرى حملة تنظيف الشوارع ودأب الشباب يجمعون بعضهم البعض ويقسمون أنفسهم مجموعات ويقسمون الشوارع عليهم لينظفوها باجتهاد لا بأس به وطفق خطباء المساجد يحثون الشباب فى خطبهم على المشاركة فى تنظيف الشوارع .
إذا نظرنا إلى تجمع الشباب لتنظيف الشوارع من بعيد فسنراه أمرا رائعا لكننا إذا نظرنا له ببعد أفق وتفكير سليم فسنجده أمرا ضارا للغاية بمجتمعنا المصرى ؛لأن الشباب بذلك يؤدون عملا ليس من عملهم ولا اختصاصهم وبرعونة شديدة يفتحون ذريعة لتقاعس عمال النظافة وإهمالهم عملهم المتمثل فى تنظيف الشوارع اعتمادا على الشباب ومبدأ سد الذرائع موجود فى الشريعة الإسلامية بغرض منع إتاحة فرص لارتكاب المعاصى .
وفى الشريعة الإسلامية أيضا قاعدة فقهية تقول " درأ المفاسد أولى من جلب المصالح"؛ والمفسد المقصود درأه هنا هو فتح ذريعة لتقاعس عمال النظافة وإهمالهم عملهم المتمثل فى تنظيف الشوارع اعتمادا على الشباب.

نتائج سنة مبارك السيئة
حين قامت ثورة 25 يناير كنت ضدها وكتبت رأيى بكل صراحة ولم يعجب أحدا آنذاك ، لكنى كنت أؤمن بقول د.مصطفى السباعى :"لم تدع الأيام جاهلا إلا أدبته" وقد أثبتت الأيام صحة كلامى  .
لقد كنت بعيد النظر أفكر فكرا مستقبليا ؛فقد كنت ضد الثورة لأنى خشيت من افتقاد الشرعية القانونية وهيبة القانون وما سيترتب عليه من نتائج وخيمة وافتقاد الشرعية هنا أقصد به فقدان القانون هيبته بعدم التزام الشعب به رغم أن الشعب هو الذى شرع القانون بسلطته التشريعية المتمثلة فى مجلس الشعب وقد حددت السلطة التشريعية  فى دستورنا السابق مدة ولاية رئيس الجمهورية بست سنوات فكيف إذن يطلب الشعب من الرئيس الرحيل قبل انتهاء مدة ولايته القانونية ؟! عارضنى الناس بحجة أن مجلس الشعب كان صوريا ومزيفا وأن من وضع الدستور والقانون هو الرئيس السابق و رددت عليهم بأنه إذا كان مجلس الشعب صوريا ومزيفا ولم نستطع من خلاله تعديل القوانين ولا الدستور فعلينا الانتظار إلى حين انتخابات الرياسة وننتخب من نريده وإذا حدث تزييف فيها نقوم بثورة وحينها سيكون لنا مطلق الحق القانونى فى القيام بثورة أمام المجتمع الدولى والناس أجمعين أما المطالبة برحيل الرئيس قبل انتهاء مدة ولايته فهو أمر ما أخطر نتائجه ودللت على ذلك بحادثة من التاريخ الإسلامى  وهى  موقف الخليفة عثمان بن عفان حينما تظاهر شعبه أمام  مقر خلافته وطالبوه بالرحيل لتسببه فى الفساد فرفض لأن الخلافة ثبتت له بطريق شرعى ولكى لا يسن سنة سيئة بأن كل شعب يغضب من حاكمه يتظاهر ويجبره على الرحيل ، وقبل أن يقتلوه دعا الله قائلا"اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا" وقد لبى الله –سبحانه-طلبه فقد قتل معظمهم فى حرب صفين .
ما كنت أخشاه هو أنه بعد استقالة الرئيس مبارك من الرياسة بسبب هؤلاء المتظاهرين سيسجل التاريخ ذلك وسيدرس للأجيال الجديدة من أبناء شعبنا أن ذلك يعنى أننا نعلم أبناءنا عدم احترام القوانين والدستور ونحثهم على انتهاكها ونعلمهم أن انتهاكها هو الذى أدى إلى النتيجة المرضية ونعلمهم أننا شعب لا يحترم القوانين ولا الدستور يسير بأهوائه يغير ما لا يعجبه من القوانين بالترك وعدم الالتزام والعنف لا بالطريق القانونى .
لقد كنت أدرك بحكم ما أعطانيه الله من حنكة وبعد أفق وبعد نظر خطورة هذا الموقف التاريخى السيىء وكم كنت أتمنى أن يدرك الرئيس مبارك ذلك ولا يترك الحكم إلا عند انتهاء مدة رياسته  منعا لحدوث ما ذكرته وأيضا ضمانا لانتقال سلمى للسلطة .
لقد سن الرئيس السابق مبارك برحيله سنة سيئة علمت شعبنا أن يسير بأهوائه يغير ما لا يعجبه من القوانين بالترك وعدم الالتزام والعنف لا بالطريق القانونى وقد تجسد ذلك فى المظاهرات الفئوية التى انهالت على بلادنا بعد رحيل مبارك مباشرة ولم تنته حتى يومنا هذا وأصبحت كل مجموعة من الشعب تتظاهر أمام أى قرار لا يعجبها وطبيعى جدا أن أى قرار يتخذ لا يعجب جميع الأطراف وبذلك ستستمر المظاهرات إلى الأبد فى بلادنا ولا تتعجب حين ترى مدمني المخدرات يتظاهرون قريبا فى ميدان التحرير مطالبين بإباحة تعاطى المخدرات وبعد إجراء الانتخابات البرلمانية طبيعى أن نتيجتها لن ترضى جميع الأطراف لذا لا تتعجب حين ترى الأطراف الخاسرة تتظاهر بثورة جديدة مطالبين بإعادة الانتخابات واتهامها بالتزوير وهكذا ستعيش بلادنا الجريحة فى تظاهرات متتالية اعتراضا على كل الأمور  إثر سنة مبارك السيئة التى سيحاسب عليها أمام الله شديد الحساب حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا" (أخرجه مسلم في صحيحه).
   لابد من وجود ثقة بين المتعاملين حتى يكون تعامل ولابد من وجود احترام للقوانين والتزام بها لتحقق الهدف الذى سنت من أجله فهدف القوانين التى تسن هو حماية تحقيق الاستقامة والصالح العام ؛ فكلمة القانون مأخوذة من الكلمة اليونانية canon التى تعنى العصا المستقيمة، ولتحقيق الاستقامة والصالح العام لابد من احترام القوانين التى سنت والالتزام بها وإن أراد الشعب تعديلها فليعدلها بالطريق القانونى ولا ينتهكها لأن القوانين إذا فقدت احترامها والالتزام بها فقدت قيمتها وأصبحت بلا جدوى وأصبحت الدنيا كالغابة لا فرق؛ وقال تعالى :"واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم فى كثير من الأمر لعنتم "، وقد صدق القول القائل" العامة يتبعون كل زاعق"وقول محمود زيان" العامة لا عقل لها والعامة لفظ ينطبق على قليلى العلم والثقافة وعلى الجماهير و الغوغاء لهذا من أخطر اللحظات فى حياة الأمم والشعوب أوقات الثورة الشعبية العارمة حيث تعم الفوضى والاضطراب وتسير الجموع على غير هدى وتندفع فى لحظة قدرية إلى مصير مجهول فإذا علا صوت هنا أو هناك يندفع الجميع نحوه ويتبعون صاحبه دون تعقل أو روية وهذا شأن العامة والدهماء ممن لا حظ لهم فى ثقافة تمكنهم من وضع الأمور فى نصابها الصحيح ووزنها بميزانها المناسب فيتقبلون كل ما يقال لهم ويسرد عليهم دون نقده وتمييز غثه من ثمينه ولهذا تجدهم يتبعون كل زاعق ".

أهمية الفحص الطبى الدورى
طبيعى أن الإنسان لا يفعل كل شىء صحيح وإنما يخطئ ويصيب ؛فيقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"كل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"(رواه أنس بن مالك فى الجامع الصغير)،ولكن هناك أمور تتطلب الحرص المبالغ فيه لأن الخطأ فيها يكون خطأ قاتلا يقضى على الأخضر واليابس ؛فمثلا كلنا نخطئ فى عملنا لكن هناك مهن الخطأ فيها لا يغفر كخطأ الطبيب وخطأ صراف البنك مثلا ، وهناك أمور كثيرة من هذا القبيل يتهاون فيها الكثير منها اللعب بالنار وألعاب أخرى تكون عواقبها وخيمة كقراءة الفنجان على سبيل المزاح ؛فمن يفعل ذلك يتعرض للمس من الجن فيجعله هذا المس يقرأ الفنجان قراءة صحيحة بجد لا مزاح ولكن المس طبعا يؤذيه أشد الإيذاء .
ومن الأمور التى يتهاون فيها الكثير الاهتمام بالصحة  وإهمال الإنسان فى صحته يؤدى لعواقب وخيمة لأن أمراضا كثيرة لا تظهر أعراضها إلا بعد استفحالها.
 إننا لا نستطيع أبدا أن ننكر اجتهاد وزارة الصحة منذ القدم ولو أفردنا لذكر ذلك الصدد مجلدات لما كفت ولكننا يهمنا أن يكون هذا الاجتهاد فى موضعه ؛فمثلا بذلت وزارة الصحة جهودا لا حدود لها فى التوعية بأضرار التدخين فى الإعلام فى حين وجود أمور أخرى غاية فى ضرورة التنويه عنها مثل أهمية الفحص الطبى الدورى وخطورة الإصابة ببكتريا الأميبا التى تصيب الإنسان من الأكل الملوث وتسبب الأنيميا وطبعا معظم شبابنا مصابون بهذه البكتريا لأن معظمهم يأكلون أكلا ملوثا وطبعا لا يكتشف أحدهم ذلك إلا بالصدفة عندما يجرى تحاليل طبية ومن الأمور التى تحتاج أيضا إلى تنويه شديد ضرورة إجراء فحوصات طبية دورية وتحاليل كل فترة للاطمئنان ،لقد كنت مهملا فى الأمر الأخير لكن موقفا حدث أفاقنى ؛فقد شعرت بألم بإحدى ضروسى فذهبت لطبيب الأسنان فأخبرنى أن لدى ضرسين غير الضرس التى تؤلمنى تحتاجان إلى حشو أعصاب وأنى لو كنت أهملتهما أكثر من ذلك لاحتاجتا إلى الخلع فأخبرته أنهما لم تؤلمانى من قبل فرد على بأن هناك كثيرا من الأمراض لا تظهر أعراضها إلا بعد استفحالها لذا على الإنسان الفحص الطبى الدورى وبعد أن خرجت من عيادة الأسنان شعرت بأهمية الفحص الطبى وفى اليوم التالى على الفور أجريت مجموعة من التحاليل كشفت لى عن أمراض وأمور أسير الآن فى علاجها.
أهمية عقد العمل تحت الاختبار
   صدق القائل"عندما يغيب النص تقع مسئولية العقل "؛فقد مررت بتجارب أثبتت لى أن أى عمل فى الدنيا تكون فيه أمور لا يحكمها نص وتقع مسئولية عقل العامل فيها ؛لأن أى نص من وضع البشر غير قادر على التنبؤ وإحصاء الطوارئ والأمور المستقبلية، وفرق كبير بين العامل العاقل المرن المتزن الحكيم والعامل غير العاقل وغير المتزن وغير الحكيم؛فقد تجد شخصا متفوقا جدا فى مجال عمله لكنه فاشل فى حياته العامة وغير متزن وغير حكيم وغير مرن وبالتالى عندما يظهر أمر فى عمله لا يحكمه نص فإنه لا يجيد التعامل معه ويتسبب حينها فى خسران الشركة التى يعمل لحسابها خسرانا فادحا وسأسرد أمثلة على ذلك:
-ذات مرة كنت أرسل رسالة بمكتب البريد وكتبت على مظروف الرسالة :"المرسل إليه/مشرف مسابقة ساقية الصاوى للقصة القصيرة"فرفض الموظف تسجيل هذه الرسالة وأخبرنى بأن المرسل إليه يجب أن يكون اسم شخص وأنه لا توجد مؤسسة باسم ساقية الصاوى فحاولت إفهامه أن هذا لقب شخص وعرضت عليه أن أكتب المرسل إليه :مسابقة كذا أو مؤسسة كذا ويكون حينئذ المرسل إلبه شخصا اعتباريا لكن صدق قول لقمان الحكيم :"نقل الصخور من أماكنها أيسر من إفهام من لا يفهم".
حينما كنت أعد كتابى "مستشارك الخاص"خصصت فيه قسما للتعريف بالخدمات التى تقدمها بعض الشركات كمنح القروض وتعليم الطهى وتعليم قيادة اليخوت مثلا فذهبت إلى تلك الشركات وأخبرتهم بأنى أريد الحصول منهم على تفاصيل الخدمات التى تقدمها الشركات وأخبرتهم بأن ما أفعله يعد دعاية مجانية منى للشركات واعتقدت أنى سألقى منهم كل ترحيب فكانت النتيجة أنهم عاملونى كأنى أتسول منهم.
أذكر حينما كنت حديث عهد بالتعامل مع البنوك لم أك أعلم حينها الفرق بين الحساب الجارى وحساب التوفير وطبعاً الفرق واضح جداً وهو أن الحساب الجارى يمكن صاحبه من إصدار الشيكات بعكس حساب التوفير وعندما اتصلت بخدمة عملاء أحد البنوك وسألت الموظف ذلك السؤال قرأ لى منشورى شروط حساب التوفير والحساب الجارى فلم ألحظ الفرق فأعدت سؤالى " ما الفرق بين الحساب الجارى وحساب التوفير ؟" فأعاد لى قراءة المنشورين !    
وكثيراً ما رأيت عميلاً يريد سحب كل رصيده الموجود فى حسابه ويمنعه الصراف طالباً منه إبقاء أى مبلغ صغير فى الحساب وهذا ليس من حق الصراف لأن الحساب تدفع له مصاريف دورية تكون كفيلة لفتح وعاء ادخارى للعميل بغض النظر عن وجود رصيد بالحساب أو عدم وجوده .
وترى التضارب فى كلام موظفى خدمة عملاء شركات المحمول ؛فكل واحد منهم يعطيك معلومة مخالفة لما أعطاكها زميله.
جدير بالذكر أن كل الموظفين الذين ارتكبوا الأخطاء السالف ذكرها حاصلون على مؤهلات عليا بتقديرات عالية جدا!
يجرى اختيار الموظفين على أساس كفاءتهم وتفوقهم فى مجال العمل وتجرى معهم مقابلة شخصية للكشف عن شخصيتهم وطبيعة تصرفاتهم لكن للأسف المقابلة الشخصية  لا تستطيع إظهار كل المطلوب تقديره؛لأن هناك أمور لا تظهر إلا فى ظروف معينة ؛فمثلا قد يكون لديك برميل مملوء بالكيروسين وتحسبه مملوءا بالماء ولا تكتشف ذلك إلا حين يشب حريق وتأتى بالبرميل لتطفئه فيزداد الحريق اشتعالا فتكتشف حينها أن البرميل مملوء بالكيروسين لا الماء وهنا تظهر أهمية شرط التجربة فى عقد العمل أو عقد العمل تحت الاختبار وهو عقد يبرمه صاحب العمل والعامل ويضمناه شرط التجربة بمعنى أن من تقرر هذا الشرط لمصلحته يمكنه أن يختبر مدى ملاءمة العقد له خلال فترة الاختبار فإذا وجد أنه يحقق الغرض الذى ينشده من التعاقد مضى قدما فى تنفيذه وإذا وجد على العكس أن العقد لا يناسبه استخدم الشرط المقرر لمصلحته للتخلص من هذا العقد خلال الفترة المحددة للاختبار.
وقانون العمل المصرى وضع حدا أقصى لفترة الاختبار وهو 3أشهر(مادة 33من قانون العمل رقم12لسنة2003م)لذا أرى لضمان حسن سير العمل وكفاءة العمال المختارين إضافة إلى السير بنظام عقد العمل تحت الاختبار منع نظام التعيين الدائم والسير بنظام العقود المؤقتة وهذا مطبق فى شركات الملاحة وحققت به نجاحا كبيرا.
أهمية ماراثون الكتابة
   بحكم كونى كاتبا أعلم أن أى كاتب كثيرا ما تأتيه أفكار رائعة لكنه يتقاعس عن كتابتها بسبب عدم فراغه أو سوء حالته النفسية أو عدم وجود حافز كاف ومن أهم حلول تلك المشكلة فكرة ماراثون الكتابة وماراثون الكتابة هو فكرة عالمية عادة ما يلجأ اليها الكُتاب لمساعدتهم على انجاز مشاريعهم المؤجلة، أو التركيز فى الكتابة على موضوع معين بشكل تشاركي.
ويجرى ماراثون الكتابة بأن يجتمع مجموعة من المشتركين فى مكان واحد لمدة طويلة و
يقسموا أوقاتهم الى مدد قصيرة يكتبون فيها ثم يقرأون ما كتبوا على بعضهم البعض؛فمثلا تكون مدة الماراثون 12 ساعة من العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساءً وتكون فترة الكتابة العادية ربع ساعة، و يكون هناك فقرتان يمتد زمنهما الى ساعة و فقرتان أخرتان يمتد زمنهما إلى نصف ساعة حتى يستطيع المشتركون الأكل و الراحة، ويمنع على المشتركين التعليق أو إبداء الاعجاب أو الاستياء مما يقرأه عليهم المشتركون الآخرون ،ويمنوع الدخول أو الخروج من الماراثون فى منتصفه حتى لا تفسد التجربة على المشتركين الآخرين،ويكون أقصى عدد للمشتركين هو عشرة متشاركين .
وقد طبق مركز مساحة بالقاهرة هذه الفكرة الرائعة.
عن برنامج كلام من دهب
يقدم الأستاذ/طارق علام برنامج كلام من دهب خلال شهر رمضان وهو برنامج مسابقات يطرح فيه الأستاذ طارق أسئلة كالفوازير على المارة بالشارع يوميا وتكون الجائزة جنيها ذهبيا وأرى أن هذا أمر سيئ للغاية لأن الجنيه الذهبى جائزة كبيرة القيمة لا ينبغى منحها لشخص كل ما فعله أنه أجاب عن فزورة أو معلومة،وأعتبر هذا إهدارا للمال.
وجدير بالذكر أن البرنامج خلال حلقاته يقدم الدعم والمساعدة المادية والإجرائية للشعب وذوى الاحتياج وأرى أن هذا الأمر الأخير أولى بالجنيهات الذهبية التى تمنح لمن يجيبون عن الفوازير فى الشارع.

عن الزواج المبكر
   كل شىء فى دنيانا له مزايا وله عيوب والزواج المبكر له مزايا منها قضاء الرغبة الجنسية مبكرا فكثيرا من الشباب والفتيات وقعوا فى الزنى بسبب رغبتهم الجنسية الشديدة التى لم يستطيعوا كبح جماحها ومن مميزاته أيضا أن الإنسان حينما ينجب أطفالا فى سن مبكرة يكونون أكثر ذكاء ممن ينجبهم فى سن متأخرة .
لكنى أرى للزواج المبكر عيوبا كثيرة خطيرة تطغى على مميزاته ؛فالفتاة عندما تتزوج وهى فى سن صغيرة لم تنه تعليمها ولم تعمل لا تكون لديها خبرة كافية لتحمل مسئولية إدارة منزل زكذلك الرجل ؛فالخبرة تأتى من عاملين هما التجارب والعمر لأن التجارب تستغرق وقتا وعمرا لحدوثها.
ألم تتساءل – عزيزى القارئ - لم جعلت حكومتنا سن الرشد المالى 21عاما وجعلت تصرفات القاصر المميز من سن 7أعوام إلى 21عاما الدائرة بين النفع والضرر قابلة للإبطال لمصلحته وتصرفاته الضارة فى تلك الفترة باطلة قانونا؟!
كان ممكنا أن يدرس للقاصر بالمدرسة ألا يوقع على ورقة إلا بعد قراءتها بإمعان وتعليمه كل صغيرة وكبيرة عن المعاملات المالية ثم منحه سن الرشد المالى مبكرا.هل تعلم لمَ لم تفعل حكومتنا ذلك؟ّلأن الإنسان عندما يفعل شيئا لا يصيب فى فعله من أول مرة بل يخطئ عدة مرات حتى يصل للصواب وقد صدق القائل:"الطفل لا يمشى من أول محاولة فاصبر"؛وقد جعل القانون المدنى المصرى تصرفات القاصر المميز من سن 7سنوات إلى 21سنة الدائرة بين النفع والضرر قابلة للإبطال لمصلحته وتصرفاته الضارة فى تلك الفترة باطلة قانونا كى يأخذ حقه فى التجربة فى تلك الفترة دون أى خسران يقع عليه حتى إذا وصل إلى سن 21 عاما يكون قد جرب واعتبر دون خسران، ولو تأملت فى الحياة العامة لوجدت هذا الأمر واضحا فى كل أمور حياتنا ؛فمثلا قبل أن يدخل طالب العلم لجنة الامتحان يقضى شهورا فى التدرب على حل الاختبارات والتمارين وكذلك لاعب الكرة والضابط تحت الاختبار و...إلخ.

**************************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق